شهد عام 2023 إعلان الكويت وداع 8 سنوات «عجاف» من العجوزات المالية المتتالية التي بدأت في العام المالي 2014/2015، لتعود البلاد إلى سنواتها «السمان» لتحقق أول فائض مالي بحسابها الختامي لأول مرة منذ 9 سنوات بما قيمته 6.4 مليارات دينار، بعدما حققت 28.8 مليار دينار إيرادات، و22.4 مليار دينار مصروفات عن العام المالي 2022/2023.
واستحوذت الإيرادات النفطيــة على نحـــو 93% من إجمــالي الإيــرادات بـ 26.7 مليار دينار، وبزيادة نسبتها 64.7% عن السنة الماضية، وتأتي زيادة الإيرادات النفطية مدفوعة بصورة رئيسية من ارتفاع سعر برميل النفط بـ 17.1 دولارا عن المقدر في موازنة العام ذاته، بعدما سجل متوسط سعر برميل النفط الفعلي عن 2022/2023 نحو 97.1 دولارا بالحساب الختامي مقارنة بـ 80 دولارا مقدرة في الموازنة العامة للدولة.
وعلى الرغم من دخول الكويت عهد الفوائض مجددا مدفوعة بالتحسن الملحوظ في أسعار النفط، قدرت دخلت الكويت للعام المالي 2023/2024 أسعار أقل لبرميل النفط، إذ بلغ سعره المقدر في مشروع موازنة 2023/2024 نحو 70 دولارا للبرميل مع حجم إنتاج 2.676 مليون برميل يوميا، مقارنة بـ 80 دولارا للبرميل و2.73 مليون برميل يوميا في موازنة 2022/2023.
وبنظرة مقربة إلى واقع سوق النفط، فقد شهدت أسعاره ارتفاعات ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، إذ وصل متوسط سعر البرميل في منتصف سبتمبر الماضي نحو 83 دولارا مرتفعا بـ 13 دولارا بما نسبته نحو 19% عن السعر المقدر في الموازنة العامة عند 70 دولارا للبرميل، ما يعني أن كل برميل نفط تم بيعه منذ أول أبريل 2023 حتى منتصف سبتمبر حقق زيادة في الإيرادات بـ 13 دولارا. يأتي ذلك فيما استمرت أسعار النفط الكويتي في تسجيل مستويات أعلى خلال الفترة الماضية وتحديدا بعد منتصف سبتمبر الماضي ليتداول بمعدل أعلى من ٩٠ دولارا للبرميل، وهو ما يعني بصورة طبيعية تحسنا أكبر في الإيرادات النفطية، وتقليصا أكبر للعجز المقدر في الموازنة دون استبعاد استمرار الفوائض للعام الثاني على التوالي، شرط تعظيم الإيرادات وضبط المصروفات ومنع الهدر المالي.
وتشير التقديرات إلى أن الربع الأخير من 2023 سيشهد ارتفاعات ملحوظة في أسعار النفط العالمية، إذ يرى بنك «مورغان ستانلي» إن السوق قد تظل تشهد شحا في الإمدادات لعدة شهور خاصة بعد خفض الإنتاج السعودي الروسي، مقدرا ارتفاع سعر النفط خلال تلك الفترة ليصل إلى 95 دولارا ومستبعدا تجاوزها الـ 100 دولار، ورفع توقعاته ليزيد سعر البرميل 12.5 دولارا عند 92.5 دولارا في الربع الأول من 2024، و10 دولارات ليصل إلى 90 دولارا في الربع الثاني، و7.5 دولارات ليبلغ 87.5 دولارا في الربع الثالث، و5 دولارات ليصبح 85 دولارا في الربع الرابع.
ويتوقع أن يرتفع إنتاج الكويت النفطي إلى 2.68 مليون برميل يوميا اعتبارا من يناير 2024 بمجرد عودة الإنتاج للمستويات السابقة (بافتراض عدم تغيير «أوپيك» وحلفائها لسياسات الإنتاج)، وستستفيد البلاد من زيادة كميات الإنتاج في ظل تطلعها للاستفادة بشكل كامل من مصفاة الزور التي اكتمل إنشائها وتصل طاقتها الإنتاجية إلى 650 ألف برميل يوميا لإنتاج المزيد من المنتجات المكررة (زيت الوقود وزيت الغاز على وجه الخصوص) بهدف تصديرها للأسواق الدولية وتوفير المزيد من النفط للاستخدام في مصفاة الدقم بسلطنة عمان التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 230 ألف برميل يوميا والتي شارفت على الاكتمال، والتي تمتلك فيها الكويت حصة تقدر بنحو 50% خاصة مع توقيع الكويت على اتفاقية لتوريد 65% من احتياجات المصفاة.