كلما كشف الإنسان حقيقة جسمه، ازداد تعظيما لله عز وجل وكتاب الله، كتاب خالق البشر، والمنهج الحكيم، الذي قال فيه سبحانه وتعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) الذاريات (21).
هــناك اعتقاد خاطئ لدى الناس وهو أن الإحساس بالألم يمكن أن يكون من أي مكان في جسم الإنسان، ولكن اكتشف مؤخرا أن الجلد فقط هو الذي به مناطق الإحساس وأن أعصاب الإحساس متعددة وأنها أنواع مختلفة مثل: اللمس، الضغط، الحرارة، والبرودة.
كما وجد أن أعصاب الإحساس بالحرارة والبرودة لا توجد إلا بالجلد وعليه إذا دخل الكافر النار يوم القيامة وأكلت النار جلده يبدله الله جلدا ليصبح العذاب مستمرا، فقد قال تعالى: (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما) النساء (56).
كذلك كشف علم التشريح أن الأمعاء الدقيقة هي أطول جزء في الجهاز الهضمي ويصل طولها إلى ستة أمتار، ويتكون جدارها من ثلاث طبقات وهي: الطبقة الخارجية (أو الطبقة المصلية)، الطبقة الوسطى (أو الطبقة العضلية)، والطبقة الداخلية (أو الطبقة المخاطية). ونجد أن تجويف البطن مبطن بالبريتون الجداري (أو الصفاق) وتتم تغذيته بأعصاب الجدار التي تغذي الجلد وعضلات الصدر والبطن، وتتأثر هذه الأعصاب باللمس أو الحرارة.
فالأحشاء لا يوجد بها أعصاب للألم أو الإحساس، لذا فإنه عندما يخدر جدار البطن بمخدر موضعي ويفتح البطن ونمسك بالأمعاء ونقطعها أو نحرقها لا ينتج عن ذلك أي إنزعاج أو إحساس بالألم. ولكن عندما تتقطع الأمعاء أو تثقب لسبب أو لآخر فإن محتوياتها تنفذ منها إلى التجويف المحيط بالأحشاء والغني بالأعصاب فيكون الألم شديدا جدا وتصبح بطن المريض مثل اللوح، وهي حالة جراحية طارئة يجب أن تجرى له عملية فورا، ويقول الله عز وجل: «وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم» محمد (15).
هدد القرآن الكريم الكفار بالعذاب بماء حميم يقطع أمعاءهم واتضح السر في هذا التهديد باكتشاف أن الأمعاء لا تتأثر بالحرارة، ولكنها إذا قطعت وخرج منها الماء الحميم إلى البريتون الجداري الذي يغذى بأعصاب الجدار التـــي تغذي الجلد وهذه الأعصاب تتــأثر باللمس والحـــرارة، فيسبب الحميم بعد تقطيع الأمعاء اعلى درجات الألم.
أما العذاب عن طريق الجلد فيختلف عن ذلك لاختلاف طبيعة الجلد، فلا يكون استمرار الإحساس بالعذاب في الجلد إذا نضج إلا بتجديد خلايا الجلد.
اختلاف الوصف لكيفية تحقيق العذاب بالنار من الخارج عن طريق تبديل الجلد كلما نضج، ومن الداخل بتقطيع الأمعاء بالحميم والعذاب مستمر. فقد قال تعالى: (والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور) فاطر (36).
فوصف القرآن في الجلد ووصف الأمعاء وصفا لا يكون إلا من عند من يعلم سر تركيب الجلد وسر تركيب الأمعاء، وهكذا يتجلى الإعجاز العلمي في الإحساس بالألم بالتوافق بين حقائق الطب ومعجزات القرآن الكريم.
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.