قبل سنوات قليلة مضت كنا نتابع عبر مقاطع الفيديو والأفلام الأمريكية مشاهد السطو المسلح على محال بيع التجزئة الصغيرة والبقالات في العديد من المدن الأمريكية وفيها يدخل شخص ملثم أو أكثر ويهددون الموظف أو العامل ويحصلون على بعض النقود من «صندوق النقد» أو بضع علب البيرة والسجائر ويلوذون بالفرار.. وربما يطلق عليهم صاحب البقالة الرصاص أو يوقعهم حظهم العاثر في شرطي بلباس مدني يستعيد منهم ما سرقوه.. أو حتى يرديهم قتلى برصاص مسدسه!
.. وفي الشهور القليلة الماضية تطور الأمر تطوراً درامياً حاداً نقلته مقاطع الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج التوك شو الأمريكية.. فشاهدنا «عشرات» المقاطع لـ «قطعان» من البشر العاديين غير المسلحين، ولا حتى الملثمين.. بل إن بعضهن نساء حوامل!! يشنون «غارات» سرقة جماعية تتخذ صفة العشوائية، إذ تبدأ بهجوم مجموعة ما.. ثم ينضم إليهم بعض المارة والعابرين في مشهد عبثي لكنه مرعب إذ يخشى العاملون في المكان الذي يتعرض للسرقة ومعهم رجال الأمن التصدي بعنف للسارقين حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون إذا حدثت وفيات أو إصابات خطرة للصوص.. وبينهم عجائز وحوامل!!
وذكر تقرير حديث أصدره الاتحاد الوطني الأمريكي للبيع بالتجزئة أن خسائر تجارة التجزئة بسبب السرقة الجماعية بلغت 112.1 مليار دولار في عام واحد فقط هو العام الماضي 2022، وهي صناعة ضخمة تساهم بحوالي 3.9 تريليونات دولار في الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي ويعمل بها حوالي 52 مليون أمريكي أو واحد من كل أربع وظائف في الولايات المتحدة!
وبعد إغلاق فروع عديدة لسلاسل «وول مارت» و«C.V.S» ونوردستورم، أعلنت مجموعة «تارجت» الشهيرة أنها ستغلق 9 متاجر في ولاية كاليفورنيا بسبب أن «السرقة والغارات المنظمة تهدد سلامة العاملين والمشترين»، ويلقي بعض المراقبين باللائمة على ما يعرف بقانون «47» الصادر في نوفمبر 2014 لولاية كاليفورنيا فقط والذي حول عقوبة سرقة ما قيمته أقل من 950 دولارا من جناية إلى جنحة ذات عقوبة بسيطة، لكنه أبداً لا يسمح بالسرقة بدون عقوبة، وفي المقابل ذكر تقرير لغرفة التجارة الأمريكية أن 12 ولاية أمريكية تبنت قوانين جديدة تعزز العقوبات على جرائم السرقة المنظمة.
يحدث هذا في الولايات المتحدة.. ولا علاقة له إطلاقاً بالسلوك الأمريكي العام، ولنحمد الله أننا في مصر ننعم بالأمن والأمان ولا نعرف غارات اللصوصية الجماعية ولا السرقة المنظمة، رغم ارتفاع نسبة الفقر، وازدياد عدد الفقراء.. ورفع سعر البنزين وزيادة الأسعار «نرضى» بما قسم الله ولا نعاني من ظاهرة السرقة المنظمة أو السطو الجماعي.. ونكتفي بمقاطعة من يدعم عدونا.. والدعاء على من «يسرقنا»! أو من يحاول أو سيحاول سرقتنا!!
.. وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
https://linktr.ee/hossamfathy