ألقى ملك بريطانيا الملك تشالز الثالث امس خطاب العرش للمرة الأولى منذ خلف والدته الراحلة إليزابيث الثانية، حيث حدد بصفته ملكا، أولويات الحكومة البريطانية أمام البرلمان، وتطرق إلى قضايا عدة، منها الحرب الدائرة في قطاع غزة، وذلك في إطار تقليد سياسي يجذب اهتماما خاصا مع اقتراب الانتخابات البرلمانية مطلع العام المقبل.
وهذا التقليد الذي يعود إلى قرون عدة ليس الأول تماما بالنسبة إلى الملك البريطاني، فعندما كان تشالز لايزال وريثا للعرش، تلا الخطاب الأخير للعرش في مايو 2022 نيابة عن الملكة إليزابيث الثانية، التي كانت صحتها هشة آنذاك. ويومها جلس على عرش المخصص لزوج أو زوجة الملك، وبقي عرش والدته فارغا حيث وضع تاجها على وسادة مخملية.
وافتتح تشالز الثالث الجلسة البرلمانية بكلمة أعدها رئيس الوزراء ريشي سوناك، وقال: «إنني أدرك إرث الخدمة والتفاني لهذا البلد الذي أرسته والدتي الحبيبة، الملكة الراحلة».
وأشار إلى أن الحكومة ستتخذ قرارات صعبة لكنها ضرورية طويلة المدى لتغيير البلد نحو الأفضل، وأوضح: «لقد أحدث تأثير جائحة كوفيد -19 والحرب في أوكرانيا تحديات كبيرة طويلة المدى للمملكة المتحدة.. لهذا السبب فإن أولوية حكومتي هي اتخاذ القرارات الصعبة لكن الضرورية على المدى الطويل لتغيير هذا البلد نحو الأفضل».
ولفت الملك تشالز إلى الحكومة ستواصل معالجة التضخم ودعم بنك إنجلترا من خلال اتخاذ قرارات مسؤولة بشأن الإنفاق والاقتراض، وقال: «تركيز وزرائي ينصب على زيادة النمو الاقتصادي وحماية صحة وأمن الشعب البريطاني للأجيال القادمة».
وأضاف: «ستواصل حكومتي اتخاذ الإجراءات اللازمة لخفض التضخم وتخفيف تكاليف المعيشة للعائلات ومساعدة الشركات على تمويل الوظائف الجديدة والاستثمارات.. وسيدعم وزرائي بنك إنجلترا لإعادة التضخم إلى المستوى المستهدف من خلال اتخاذ قرارات مسؤولة بشأن الإنفاق والاقتراض».
وتابع: «ستساعد هذه القرارات الشؤون المالية للأسر، وتخفض ديون القطاع العام، وتحمي الأمن المالي للبلاد».
وحول الحرب في قطاع غزة، قال تشالز: «وزرائي يعملون عن قرب مع الحلفاء العالميين لمعالجة أبرز التحديات الأمنية الراهنة، التي تشمل عواقب الهجوم البربري والإرهابي الذي تم بحق الشعب في إسرائيل».
وأضاف: «تعمل حكومتي على تسهيل الدعم الإنساني في غزة، ودعم قضية السلام والاستقرار في الشرق الأوسط».
وقبل وصوله إلى قصر ويستمنستر، قام «حراس الملك»، الذين يشكلون أقدم فيلق عسكري في الجيش البريطاني بتفتيش الأقبية بحثا عن متفجرات في إطار إحياء ذكرى «مؤامرة البارود» التي وقعت عام 1605 حينما أراد الكاثوليك تفجير البرلمان خلال وجود الملك البروتستانتي جيمس الأول لإلقاء خطابه.
وعند وصوله ارتدى الملك تشالز التاج الإمبراطوري الاحتفالي، وأخذ مكانه في مجلس اللوردات.
وبعد ذلك ذهب سيد «العصا السوداء» لاستدعاء النواب من مجلس العموم، حيث أغلق الباب بشكل رمزي بوجهه، في علامة على الاستقلال عن النظام الملكي. وأخيرا، تم فتح الباب للسماح بمرور النواب.
وهذا الخطاب هو الأول أيضا أمام البرلمان لسوناك الذي تولى رئاسة الحكومة قبل عام، بعد فضائح عهد بوريس جونسون وفي أعقاب 49 يوما زاخرا بالأحداث خلال عهد ليز تراس. غير أن هذا الخطاب قد يكون الأخير بالنسبة لسوناك، إذ من المقرر إجراء انتخابات بحلول يناير2024. ويشهد المحافظون الذين يحكمون البلاد منذ حوالي 14 عاما تراجعا في استطلاعات الرأي التي يتصدرها حزب العمال بقيادة كير ستارمر.