مع الركود أو على الأقل التخبط في سوق العقار بسبب الغلاء وانهيار قيمة الليرة، عاد البناء المخالف للانتشار بشكل لافت وواضح، سواء في المناطق المنظمة أو في مناطق المخالفات، رغم صدور مرسوم يحظر بناء أي مخالفة منذ عام 2012 ويوجه بهدم أي مخالفة بنيت بعد المرسوم ولو كانت مسكونة.
ينص المرسوم رقم 40 لعام 2012 في أحد بنوده على أن «تزال الأبنية المخالفة بعد تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي مهما كان نوعها وموقعها وصفة استثمارها أو استعمالها بالهدم»، ورغم ذلك بنيت أغلب أبنية جرمانا بريف دمشق وعددها بالمئات ولاتزال تبنى حتى اليوم، عن طريق المخالفات.
وكان محافظ دمشق طارق كريشاتي توعد حينما تسلم منصبه عام 2022 بهدم جميع المخالفات، وقال عبارته التي اشتهر بها حينذاك «المخالفة ستهدم ولو تم تلبيسها ذهبا»، لكن المخالفات انتعشت في عهده أكثر من أي وقت سبق.
ويبرر مقاولون، بحسب تقرير لموقع تلفزيون «سوريا»، زيادة الإقبال على بناء المخالفات مؤخرا، برفع أجور تراخيص البناء النظامية، حيث تسبب رفع رسوم تراخيص البناء وفقا للقانون 37 الصادر العام الماضي بأكثر من 200%، وبات المتعهدون ملزمين بدفع رسوم جديدة أو مرتفعة عن السابق مثل ما يسمى برسم التحسين، والتأمين الطابقي، ورسوم أخرى للبلديات.
ومن الأسباب أيضا هو توجه الأسر لبيع منازلها الكبيرة أو في المناطق المنظمة بدمشق مقابل التوجه لشراء منازل أرخص في العشوائيات لتأمين مبلغ إما لسفر أحد أبناء العائلة أو لتأسيس عمل يدر مبلغا شهريا يؤمنون به قوت يومهم، أو لتأجير هذا العقار.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، انتعش الطلب مؤخرا على المنازل المخالفة في العشوائيات سواء للإيجار أو الشراء وسط تضخم أسعار العقارات المنظمة التي وصل سعرها للمليارات فقد تجد منزلا بسعر مليار ومئتي مليون ليرة سورية في منطقة بدمشق قريبة على منطقة عشوائيات يكاد لا يتجاوز سعر المنزل فيها 200 ـ 350 مليون ليرة فقط.
وزاد الطلب على المنازل في العشوائيات، خاصة بعد اضطرار أصحاب المنازل في تلك المناطق لبيعها بأسعار أقل من قيمتها طمعا بالهجرة، وهو ما أحدث بحسب بعض المقاولين، نوعا من الانزياح الديموغرافي، حيث تسعى الأسر الفقيرة للهجرة من سورية بينما تتجه الطبقة المتوسطة للنزوح إلى المناطق العشوائية.
ويؤكد مقاولون في مناطق العشوائيات بدمشق، سواء في المزة 86 أو ركن الدين، أن المخالفات تبنى بعد دفع الرشاوى لجهتين، الأولى هي البلدية والثانية هي الجهة الأمنية المسيطرة بحسب المكان، إضافة إلى رشوة المعترضين من الجوار، مؤكدين أن كل عمليات البناء تتم على مرأى ومسمع الجميع.