قال تقرير صادر عن شركة كامكو إنفست، ان البنوك المركزية العالمية أوقفت سلسلة رفع أسعار الفائدة مؤقتا خلال الأشهر الأخيرة في ظل التوقعات إلى اتجاه التضخم نحو الانخفاض، على الرغم من انه لايزال مرتفعا بشكل مستمر فوق المعدل المستهدف.
وأشار التقرير إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي اتجها إلى التوقف مؤقتا عن رفع أسعار الفائدة في الاجتماعات الأخيرة مما أرسل إشارة قوية بأن البنوك المركزية قد انتهت من دورة رفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي.
وقد انعكس ذلك في الانتعاش الأخير الذي شهدته أسواق الأسهم العالمية بينما تراجعت عائدات السندات عند حدودها العليا، إذ انخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بأكثر من 50 نقطة أساس إلى 4.5% بعد أن وصل الشهر الماضي إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ 16 عاما.
وعلى الرغم من ذلك، فإن التساؤل عن موعد بدء تطبيق سياسات التيسير النقدي جعل المستثمرين يتجهون إلى التخمين وتأجيل قراراتهم الاستثمارية، حيث أكدت التجربة أنه من السابق لأوانه الحديث عن خفض سعر الفائدة قبل أن يصل التضخم إلى النطاق المستهدف بشكل مريح.
وقد أكد التضخم ترسخه في بعض المناطق، وتحدي الاتجاه الهبوطي على مستوى العالم، خاصة في الاقتصادات التي ترتفع فيها أسعار المواد الغذائية، ومن المتوقع أن يظل معدل التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ثنائي الرقم ويتراوح في حدود 17.5% خلال العام 2023 على أن يصل إلى 15% في العام 2024، وفقا لصندوق النقد الدولي.
ويأتي ذلك في الوقت الذي أدى فيه ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة إلى هروب رؤوس الأموال من الاقتصادات الناشئة، مما أدى إلى انخفاض قيمة العملات المحلية، وزيادة تكلفة الواردات، بما في ذلك النفط الخام وغيره من السلع الأساسية الأخرى.
كما يساهم ارتفاع تكاليف الاقتراض في زيادة أسعار المنتجات بصفة عامة، خاصة بالنسبة للدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. من جهة أخرى، ظل التضخم في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي أقل بكثير من نظرائه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكذلك نظيراتها العالمية.
وأبقى صندوق النقد الدولي توقعاته للتضخم في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي دون تغيير في العام 2023 عند 2.6% وتوقع أن يبلغ معدل التضخم 2.3% في العام 2024.
بالإضافة إلى ذلك، فمن المتوقع أن يبلغ متوسط التضخم الأساسي في دول مجلس التعاون الخليجي 1.9% في العام 2023 و2.2% في العام 2024، مما يعكس السياسات الفعالة التي تطبقها الحكومات والبنوك المركزية للحد من تأثير ارتفاع الأسعار العالمية. وهناك مخاوف من أن الحرب على غزة قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة خاصة في أوروبا، إلا انه من المتوقع أن يكون لذلك تأثير محدود على دول مجلس التعاون الخليجي.
أما على صعيد الفئات الفرعية للتضخم، فقد كانت الفئة الفرعية للأغذية والمشروبات من أبرز المؤشرات الفرعية من حيث الثقل الوزني والتراجع التدريجي على مستوى المؤشرات الفرعية للتضخم في دول مجلس التعاون الخليجي.
واستمر تضخم أسعار الأغذية والمشروبات بالاتجاه الهبوطي في دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء دبي. وسجل عنصر الأغذية والمشروبات ضمن مؤشر أسعار المستهلكين في الكويت نموا شهريا بمعدل معتدل على أساس سنوي بنسبة 5.7% في سبتمبر 2023 مقابل 6.5% في سبتمبر 2022. وبالمقارنة، انكمش أداء عنصر المواد الغذائية والمشروبات في السعودية بنسبة 0.2% خلال سبتمبر 2023 مقابل تسجيله لمعدل نمو بنسبة 4.3% في سبتمبر 2022.
أسعار المواد الغذائية
استمر الاتجاه التراجعي الذي شهدته أسعار المواد الغذائية عالميا خلال الفترة الأخيرة، وإن كان بوتيرة أبطأ خلال أكتوبر 2023.
وسجل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لأسعار الغذاء انخفاضا بنسبة 0.5% على أساس شهري في أكتوبر 2023 ليبلغ المتوسط 120.6 نقطة في المتوسط. ويعزى هذا الانخفاض الهامشي على أساس شهري بصفة رئيسية إلى انخفاض مؤشرات أسعار السكر والحبوب والزيوت النباتية واللحوم.
وبالمقارنة، شهد مؤشر منتجات الألبان انتعاشا على أساس شهري خلال شهر أكتوبر 2023. وبلغ متوسط المؤشر الفرعي لأسعار الحبوب 125.0 نقطة في أكتوبر 2023، مسجلا انخفاضا بنسبة 1% مقارنة بشهر سبتمبر 2023، كما جاءت قراءته أقل بنسبة 17.9% مقارنة بالمستوى المسجل في سبتمبر 2022.
ويعزى ارتفاع إمدادات القمح العالمية بوتيرة أعلى من المتوقع وتزايد المنافسة القوية بين الدول المصدرة للقمح إلى انخفاض مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الحبوب خلال أكتوبر 2023. كما تراجعت أيضا مؤشرات منظمة الأغذية والزراعة لأسعار اللحوم والسكر والزيوت النباتية على أساس شهري في أكتوبر 2023، مما يؤكد الاتجاه الهبوطي المستمر لأسعار المواد الغذائية العالمية ويساهم في تعزيز جهود البنوك المركزية العالمية الرامية لكبح جماح التضخم.
وتراجعت أسعار اللحوم العالمية للشهر الثالث على التوالي في أكتوبر 2023 فيما يعزى بصفة رئيسية إلى تباطؤ وتيرة الطلب على الواردات في المقام الأول في دول شرق آسيا، بينما يعزى انخفاض مؤشر أسعار السكر بصفة رئيسية إلى تزايد إنتاج السكر من البرازيل، بالإضافة إلى ضعف الريال البرازيلي مقابل الدولار الأميركي.