معجزات عظيمة تشهد على عظمة الخالق وآياته في كتابه الكريم، وفي كل يوم تكشف الأبحاث العلمية لنا حقائق جديدة لم يكن لأحد علم بها، وبعد أن نتأمل هذه الحقائق نرى في كتاب الله تعالى إشارات واضحة تدل على أن هذا القرآن كتاب الله عز وجل.
قال الله عز وجل في كتابه: (ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون (19) حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون (20) وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون) فصلت (19-21). هذا المشهد الذي صوره لنا القرآن من مشاهد يوم القيامة، عندما يعرض المشككون في كلام الله على النار لتشهد عليهم جلودهم بما كانوا يفترون على الله كذبا في الدنيا.
فالجلد هو أكبر عضو من أعضاء الجسم، إنه يعمل كغلاف وقائي يقي الإنسان شر المؤثرات المحيطة الضارة مثل الحرارة والبرودة والأوساخ والجراثيم والتلوث وغيرها. كذلك الجلد يفرز الدهون والزيوت ليبقى في حالة مرنة وناعمة ويقاوم الجفاف، ويحوي الغدد الخاصة بإفراز العرق، فتكون هذه الغدد بمنزلة أداة لتصريف السموم والمواد الكيميائية غير الضرورية إلى خارج الجسم.
كما أن الجلد يتألف من طبقات رقيقة تحوي الأنسجة والأوعية الدموية والخلايا العصبية والشعر والمستقبلات الحسية وهو في حالة حركة دائمة، فالخلايا تنمو وتتحرك من الطبقات الداخلية إلى السطح الخارجي ثم تموت وتتبدل، ويبدل الجلد كل دقيقة بحدود 40 ألف خلية جلدية، وخلال شهر تتبدل كل خلايا الجلد، أي ان كل واحد منا يغير جلده كل شهر تقريبا دون أن يشعر، علما أن مساحة سطح الجلد الذي يغطي الإنسان تبلغ بحدود مترين مربعين، ويبلغ وزن الجلد على الإنسان المتوسط بحدود 2.7 كيلو غرام.
كشف العلماء أسرار الذاكرة على مستوى أعماق الخلايا بهدف الكشف عن أماكن تخزين الذكريات والمعلومات لدى الإنسان، فالذاكرة الوراثية يتم تخزينها في شريط المعلومات الوراثي المسمى DNA. وفي بحث علمي جديد نشرته مجلة علم الأعصاب في 2007 وجد العلماء أن الخلايا تحوي جزيئات تسمى CaMKII، وهذه الجزيئات مسؤولة عن تخزين الذكريات.
فالشريط الوراثي DNA المعقد يصدر ذبذبات صوتية بشكل مستمر، أي ان له لغة ينطق بها وهذا الشريط موجود في جميع خلايا الجسم مثل خلايا العين، الأذن، والجلد. كما توجد في أعماق خلايا الجلد سجلات خاصة أشبه بسجلات الكمبيوتر تحفظ المعلومات والأحداث التي تدور حول الجلد وتحفظ الأصوات والأفعال التي نقوم بها، فهو يقوم بتخزين المعلومات بطريقة ما، ومن الممكن استرجاع هذه المعلومات في وقت آخر.
كما اكتشف العلماء اليوم ان خلايا الجلد تتأثر بالترددات الصوتية بل تتجاوب معها، خاصة بعد أن اكتشف العلماء الذبذبات الصوتية التي يصدرها الشريط الوراثي المسمى DNA، إذن الجلد عندما يقشعر نتيجة الاستماع إلى خبر ما، سار أو مؤلم، فإن هذا نوع من التجاوب مع الصوت الذي استمع إليه هذا الإنسان، فخلايا الجلد تكون أكثر نشاطا وحيوية من خلال تفاعلها مع كلام الله، فقد قال سبحانه: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد) الزمر (23)، فتتأثر خلايا الجلد بالترددات الصوتية وتتجاوب معها.
والإنسان يوم القيامة لا يستغرب من شهادة السمع لأن الأذن كانت تسمع ما يقوله وما يقال أمامه، وكذلك لا يستغرب شهادة البصر لأن العين كانت ترى ما ينظر إليه وتخزن المشاهد التي فيها معصية لله تعالى ولكن الإنسان يكون على قدر كبير من التعجب من شهادة جلده عليه، إذ أن الإنسان لا يتصور أن الجلد له دور في تخزين المعلومات والأحداث.
فكل شيء تردده الصوتي الخاص، فقد قال سبحانه في كتابه الكريم: (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا) الإسراء (44) ويوم القيامة سوف يسمع الإنسان أصوات هذه المخلوقات التي لم يكن يسمعها في الدنيا.
ينبغي علينا كل لحظة من لحظات حياتنا، أن نتذكر ذلك المشهد عندما تشهد علينا جلودنا، تذكروا معي أن هذا الجلد الذي سخره الله لك ليكون وقاية وحماية لجسدك وهو يصاحبك منذ أن تكون في بطن أمك، هذا الجلد سيكون عدوا لك يوم القيامة، إلا إذا أكثرت من الأعمال الصالحة فإن جلدك سيكون شاهدا معك لا عليك.
نسأل الله تعالى أن يجعل كل لحظة في حياتنا طاعة لله وعملا صالحا لا نبتغي به إلا وجه الله تعالى.