يترقب العالم بأسره مفاعيل القمة بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جينبينغ في أول اجتماع بينهما منذ عام، على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك) في سان فرانسيسكو، في ظل مشهد عالمي معقد يواجه تحديات اقتصادية وسياسية كبرى، تبدأ من التوتر حول قضية تايوان وبحر الصين الجنوبي، فضلا عن الحرب الإسرائيلية على غزة ولا تنتهي عند الحرب الروسية ـ الأوكرانية.
ولخص بايدن امس الرهان من لقائه نظيره الصيني شي جينبينغ بعبارة واحدة "التأكد من عدم تحول المنافسة إلى نزاع"، فيما حذر شي من التداعيات "التي لا تحتمل" لأي مواجهة بين القوتين العظميين.
وعبر مصافحة بينهما عند مدخل مقر يقع في ريف ولاية كاليفورنيا، استأنف الرئيسان مسارا حواريا بينهما توقف منذ أكثر من عام.
ولم يتحادث الزعيمان في شكل مباشر منذ اجتماع طويل عقداه على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي. وتخلل هذه الفترة توتر متنام بين البلدين.
وجلس الرئيس الأميركي إلى طاولة خشبية طويلة قبالة نظيره الصيني يحوط به وفده، ودعا في تصريح مقتضب إلى إدارة المنافسة في شكل "مسؤول".
من جانبه، اعتبر شي بحسب ترجمة لتصريحاته إلى الانكليزية إن من واجب الصين والولايات المتحدة "ألا يدير أحدهما ظهره للآخر". وقال إن "الكوكب كبير بما يكفي ليزدهر بلدانا"، في ظل تنافس حاد بين واشنطن وبكين على الصعد الاقتصادية والتكنولوجية والاستراتيجية والعسكرية.
ودعا بايدن إلى بذل "جهود مشتركة" لمكافحة تهريب المخدرات والتعامل بحكمة مع الذكاء الاصطناعي.
وحرص كل من الرجلين على التذكير أن علاقتهما بدأت قبل أن يصل الرئيس الديموقراطي (ثمانون عاما) إلى البيت الأبيض.
وأكد بايدن أن "لقاءاتنا كانت دائما صريحة ومباشرة ومفيدة"، مضيفا "من الحيوي أن يفهم كل منا الآخر بوضوح". ورد شي "أؤمن بشدة بمستقبل واعد للعلاقة الثنائية".
وقبل الاجتماع، أطلق البلدان مجموعة عمل مشترك حول المناخ بهدف تعزيز التنسيق في شأن "أحد أكبر التحديات في زمننا".
وقبل اجتماعهما ، اعتبر الرئيس الأميركي أن الصين في عهد الرئيس شي جينبينغ تعاني من «مشاكل فعلية»، لكنه في الوقت نفسه شدد على أن الولايات المتحدة «لا تحاول فك الارتباط بالصين» وتسعى لتحسين العلاقة، وذلك قبل ساعات من القمة التي جمعتهما والتي وصفت بأنها بالغة الأهمية بين رئيسي أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
وبادر بايدن لمد يد السلام إلى شي عشية المحادثات، مضيفا خلال عشاء لجمع التبرعات أن الصين تواجه «مشاكل حقيقية» في ظل حكم الزعيم الشيوعي شي، بينما شدد بايدن على أنه «يعيد تأسيس الدور الأميركي القيادي في العالم».
وكان بايدن قال في وقت سابق إن بلاده لا تسعى إلى النأي بنفسها عن الصين بل تريد تحسين العلاقات الثنائية. وقال بايدن «لا نحاول الانفصال عن الصين. ما نحاول القيام به هو تغيير العلاقة الى الأفضل»، وأبدى أمله في أن يساعد الاجتماع الطرفين «في العودة الى مسار طبيعي من التواصل، أي القدرة على رفع سماعة الهاتف وأن يتحدث كل طرف مع الآخر في حال وقوع أزمة». لكن بايدن حذر أيضا من أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من الاستثمار في الصين بسبب ممارسات بكين التجارية. وقال «لن أواصل الدعم لمواقف بحيث إذا أردنا الاستثمار في الصين، يتعين علينا تسليم جميع أسرارنا التجارية».
وقال بايدن «إذا كان الشعب الصيني، الذي يعاني الآن من مشكلة اقتصادية.. إذا كان المواطن العادي في الصين، قادرا على الحصول على وظيفة جيدة الأجر، فهذا يفيدهم، ويفيدنا جميعا».
وردت الصين عبر إشارة الناطقة باسم خارجيتها ماو نينغ إلى أن جميع الدول تعاني من مشاكل بما فيها الولايات المتحدة، بينما فضلت التركيز على نقاط التحاور الإيجابية في القمة.
وأفادت بأن «مفتاح إعادة الاستقرار إلى العلاقات الصينية ـ الأميركية وتحسينها هو تعاون الجانبين معا والشرط الأهم هو الاحترام المتبادل».
وفي هذا الصدد، وقبل لقاء بايدن وجينبينغ، أكد الكرملين امس أنه سيتابع مجريات القمة. وقال الناطق باسمه دميتري بيسكوف إن «البلدين يبنيان علاقات ثنائية، وهو حقهما»، مضيفا أن «كل اجتماع من هذا النوع يشارك فيه أكبر اقتصادين في العالم يحمل أهمية بالنسبة للجميع».