ما زلت ثابتا على انطباعي وإعجابي بالقفزات التي تحققها وزارة الداخلية، فجهودها منقطعة النظير في إضفاء سلاسة غير متناهية على معاملات المواطنين والمقيمين حققت طفرة كبيرة في سرعة الإنجاز والاستفادة من أحدث التقنيات في ربط المعلومات والاستسقاء من قواعد البيانات المتاحة محليا أو خليجيا، وهنا أنقل للإخوة الكرام في «الداخلية» بعضا من وجهات النظر التي تحظى بشعبية كبيرة.
وأبتدئ بما يخص استقدام العمالة أو الفنيين لاسيما من قبل الشركات الخاصة والأهلية، والتي تواجه قيودا تثقل كاهلها بسبب اشتراطات الأنظمة الآلية بألا تقل صلاحية جواز سفر الشخص عن سنتين، وأن يحمل شهادة جامعية، وهذا الأمر وإن كان له مبرراته، إلا أنه بحد ذاته مشوب بسلبيات ومتاعب على كل من المستقدِم والمستقدم، خصوصا في حالات الاستقدام الطارئة والزيارات قصيرة الأجل لإصلاح خلل أو تدريب عمالة.
ففي ظروف معينة، قد تحتاج الشركات النفطية أو الخاصة الى استضافة فنيين ذوي خبرة نادرة لتشغيل معدات أو إصلاح أنابيب أو «لحيم» سفن أو فنيات كهربائية دقيقة، فتجد نفسها أمام عقبات كؤود إذا ما كان جواز سفر الشخص المستقدم ذا صلاحية قصيرة تقل عن سنتين، أو أن هذا الفني المتمرس ليس جامعيا، وهنا نلتمس من وزارتنا الموقرة إعادة النظر في هذه الشروط، وأن توفر ما نعهده بها من المرونة والسهولة، فما المانع أن تستحدث سمات دخول قصيرة الأجل دون شرط الصلاحية الطويلة في الجواز؟ وما الذي يمنع من منح إقامة لفترة تطابق مدة صلاحية الجواز، ثم يتحمل صاحبه تجديد جوازه في سفارة دولته قبل انتهاء مدة الإقامة؟ أعتقد أن هذا الأمر جدير بالبحث، وحبذا أن تكون الاستثناءات في مثل هذه الأمور من صلاحيات مديري إدارات شؤون الإقامة في المحافظات.
أما الالتماس الثاني فيخص الوثائق الرسمية للمواطنين من جواز سفر وبطاقة مدنية ووثيقة جنسية، حيث شاع فيها استخدام عدد كبير من أسماء الآباء والأجداد، وفي حين أن هذا الأمر قد يكون توثيقا لتحديد هوية الشخص بدقة، لكنه في الوقت عينه مصحوب بتعقيدات تستدعي الدرس والنظر مجددا، فهذه الوثائق تزدحم بالأسماء العربية والاختصارات بالحروف اللاتينية، ويجعل الوثيقة الرسمية للشخص تتسم بالتعقيد وتعج بالرموز التي إن كان صاحبها قادرا على حلها فإن غيره عاجز عن فك شيفراتها.
هذا التطويل في الأسماء قد يتسبب بمشاكل في بعض النظم الإلكترونية وقواعد البيانات، فالأسماء الستة أو السبعة الموجودة في بطاقة شخص ما قد تكون غير مطابقة تماما لتلك الموجودة في وثيقة جنسيته، مما يجعل احتمالات الخطأ وتقديم اسم على اسم أكثر ورودا خصوصا لدى موظفي إدخال البيانات، بل إن هذا السرد المطول لأسماء الآباء والأجداد باللغة العربية ثم اختصارها بحروف لاتينية، ترهق موظفي المنافذ الحدودية للدول الأخرى وتجعلهم عاجزين عن تفسيرها وفك شيفراتها ما قد يسبب للشخص المعني متاعب أثناء سفره وتنقلاته وتعاملاته مع السلطات الأجنبية.
وهنا أقدم اقتراحي للجهات المعنية بوضع تصورات لاختصار الوثيقة الرسمية التعريفية للمواطن، والاكتفاء بذكر اسمه واسم أبيه وجده أو كنيته أسوة بدول العالم، وبصورة متطابقة ما بين اللغة العربية والحروف اللاتينية، وأن يكون هذا الاسم الثلاثي موحدا في جميع الوثائق الأخرى، ولتكن بقية أسماء الآباء والأجداد مخزنة في نظم المعلومات ومتاحة لصاحب العلاقة والجهات المعنية عبر بواباتها الإلكترونية الخاصة أو التطبيقات الذكية المعتمدة.
كلمة أخيرة: الرقم المدني كان ولايزال البصمة الوطنية، والفيصل للخروج من ثغرة تشابه الأسماء، ودمج شريحة إلكترونية مع كل بطاقة مدنية أو جواز سفر إلكتروني حديث يسهل على الأجهزة الأمنية استعراض بيانات الشخص مع أسماء آبائه وأجداده المتوافرة في قواعد البيانات.
ما ذكرت أعلاه رؤية يشاركني فيها الكثيرون، وتنفيذها لا يستدعي سوى جرة قلم.. والله الموفق.
[email protected]