أي إنسان عربي مسلم يشعر بمحن أمته وتنغص عليه هذه المحن حياته، يعيش اكتئابا ما بعده اكتئاب بسبب ما تعيشه أمتنا هذه الأيام. لقد شغلت هذه الأمة بكل ما يبعدها عن واجبها الأساسي وهو حماية مقدساتنا والذود عن ديننا واحترام رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام، فضعفك يا أمتنا جعل الذئاب تمزق جسدك الواهن وتخوض في دمائك. ها هو مسرى نبيك يدنس ويدخله المتطرفون اليهود بأحذيتهم، يصدون المسلمين عن الصلاة ويمنعونهم من رفع الأذان، وها هو الحرم الإبراهيمي يضيفه الصهاينة عنوة إلى تراثهم المزعوم ومعه مسجد مؤذن الرسول بلال.
وها هو نتنياهو في خطابه يقول «القدس عاصمة إسرائيل»، والعين تدمع حزنا وفرحا وغبطة ويأسا ونحن نرى الفلسطينيين يواجهون الدبابات بصدورهم العارية، يقفون أمام الموت غير آبهين لجنود الاحتلال فتصيبهم وتصيب معها قلب كل جبان آثر دنياه على آخرته وجلس يشاهدكم أمام التلفاز مكتفيا بعبارات وضعها من نوعية الشجب والاستنكار والإدانة.
إن الله لن يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وان الحرب بيننا وبين الصهاينة هي حرب عقيدة قبل كل شيء، فالعقيدة لا تحارب إلا بالعقيدة، والصهيونية عقيدة دينية مغلفة بغلاف سياسي فهؤلاء المحتلون متمسكون بعقيدة ولن يكون لنا شأن ولن نكون لهم بالمرصاد إلا إذا تمسكنا بعقيدة «لا اله إلا الله محمد رسول الله». والوضع في قطاع غزة المحاصر يتصاعد في ظل غياب التحرك الدولي الفاعل وفي غياب اتخاذ المجتمع الدولي المواقف الجادة لوقف الانتهاكات الاسرائيلية، بينما يؤكد بعض المسؤولين من دول العالم المختلفة على ضرورة وقف القتال في غزة في اقرب وقت وتخفيف الأزمة الإنسانية ودعم المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الكارثة الإنسانية، لأن الوضع في غزة يؤثر في كل البلدان بجميع العالم، ولابد من المجتمع الدولي ان يتحرك بشكل عاجل لمنع انتشار هذه المأساة.
لكن هؤلاء الصهاينة لا يعبثون أو يلعبون، فهذا الكيان المحتل لن يكتفي بفلسطين والجولان، لكنهم وضعوا على باب الكنيست شعارا يقول «أقيموا دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل»، فلا يجوز الصلح مع هؤلاء المحتلين قتلة الأنبياء، فالأرض هي أرض فلسطينية مباركة وهي أرض الوحي وهي مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، وبها المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله.
رحم الله المعتصم الذي جمع جيوشا نصرة لامرأة مسلمة استنجدت به، فجمع رجاله واهتزت أركان الدولة الإسلامية لصرخة هذه المسلمة، ولبى المعتصم نداءها ونصرها وأخذ لها حقها. وأيضا حين جلس صلاح الدين ذات مرة مع أركان حربه فحدثت بينهم نادرة طريفة فضحكوا ولم يضحك صلاح الدين، فقالوا له: لماذا لا تضحك كما نضحك؟ فقال لهم: أستحيي من الله أن يراني مبتسما والمسجد الأقصى في أيدي الصليبيين! حتى الابتسامة حرمها على نفسه. وأوضحت التجارب أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة واحدة، وهي اللغة التي أخرجتهم من لبنان.
قال الشاعر:
سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق
وإما ممات يغيظ العدى
نسأل الله سبحانه وتعالى في هذا اليوم المبارك أن يرفع راية الإسلام خفاقة عالية ترفرف على القدس الحبيبة معلنة نهاية الصهيونية الحاقدة.. اللهم آمين.
[email protected]