نجحت مصر وقطر في انقاذ الهدنة المؤقتة بين حركة "حماس" الفلسطينية وإسرائيل من الانهيار وضمان استمرارها، بعدما تدخلت القاهرة والدوحة وقامتا بتذليل العقبات التي أخرت لعدة ساعات إطلاق سراح الدفعة الثانية من المحتجزين والاسرى من الجانبين وفق اتفاق الهدنة الانسانية المؤقتة في قطاع غزة.
وقد عزت اسرائيل هذا التاخير إلى "اسباب فنية"، بينما ارجعته حماس إلى عدم التزام تل ابيب بشروط الاتفاق.
وتم الإفراج عن 13 محتجزا إسرائيلياً من غزة، وهم: 8 أطفال و5 نساء بالإضافة إلى 4 من حملة الجنسيات الأجنبية خارج إطار اتفاق الهدنة.
وقالت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أنها سلمت الصليب الأحمر 13 رهينة إسرائيلية وأربعة تايلانديين من خارج اتفاق الهدنة.
وأكد بيان مشترك للجيش الاسرائيلي وجهاز الامن الداخلي "الشاباك" وصول المحتجزين واجراء الفحص الطبي لهم والتاكد من هوياتهم، مبينا انهم 13 اسرائيلياً و4 اجانب يحملون الجنسية التايلاندية.
وفي المقابل، أفرجت اسرائيل عن 39 من الاسرى الفلسطينيين المعتقلين من سجن "عوفر" بالضفة الغربية المحتلة، وهم: 33 طفل و7 أسيرات.
وأظهرت لقطات تلفزيونية استقبال عدد من المفرج عنهم في منازلهم في بلدين بيتونيا و القدس الشرقية المحتلة. وأبرز المفرج عنهم: شروق دويات، و إسراء جعابيص (38 عاما) التي دينت بتفجير أسطوانة غاز في سيارتها على حاجز عام 2015، ما أدى إلى إصابة شرطي، وحكم عليها بالسجن 11 عاما.
وقبيل ذلك، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إنه "بعد تأخر في تنفيذ الإفراج عن الأسرى من الجانبين، تم تذليل العقبات عبر الاتصالات القطرية المصرية مع الجانبين".
وأكدت "حماس" في بيان أنها "استجابت للجهود المصرية القطرية المقدرة التي تحركت لضمان استمرار اتفاق الهدنة الموقتة بعد نقلهما التزام الاحتلال بكافة الشروط التي نص عليها الاتفاق".
وذلك بعدما كانت قد أعلنت كتاب القسام أنها قررت تأخير الافراج عن الدفعة الثانية من المحتجزين لديها، بسبب عدم التزام الاحتلال بشروط الاتفاق لاسيما شرط الاقدمية، وعدم ايصال شاحنات المساعدات الانسانية الى شمال قطاع غزة.
من جهة أخرى قالت مصر إنها تلقت «مؤشرات إيجابية» بشأن احتمال تمديد الهدنة. ونقلت «رويترز» عن ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات قوله في بيان إن القاهرة تجري محادثات مكثفة مع كل الأطراف للتوصل إلى اتفاق «لتمديد الهدنة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لمدة يوم أو يومين إضافيين، بما يعني الإفراج عن مزيد من المحتجزين في غزة والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية».
من جهته، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي رغبة بلاده في أن تتحول الهدنة إلى «وقف دائم لإطلاق النار» بعد أسابيع من الحرب في قطاع غزة.
وقال الصفدي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه البرتغالي جواو غوميش كرافينيو والسلوفينية تانيا فاجون: «نحن كلنا نريد لهذه الهدنة أن تتحول الى وقف دائم لإطلاق النار ونهاية كاملة لهذا العدوان».
وأضاف: «ثمة أصوات تتعالى الآن، وإذا ما نظرنا إلى المواقف الدولية نرى أن هناك تطورا ملحوظا في هذه المواقف باتجاه الدعوة لوقف إطلاق النار».
وتابع: «سيكون هناك اجتماع لمجلس الأمن في 29 من هذا الشهر ستحضره لجنة الاتصال العربية الإسلامية التي شكلها القادة في القمة العربية الإسلامية المشتركة في الرياض، سنضغط جميعا من أجل أن يكون هناك قرار باتجاه وقف إطلاق النار».
وحذر الصفدي من أنه «إذا لم يتم اتخاذ هذا القرار فمجلس الأمن مسؤول عن إدامة هذه الهمجية التي يمثلها العدوان الإسرائيلي على أهلنا في غزة»، مؤكدا أن «إسرائيل لم تلتزم بقرارات مجلس الأمن في السابق وإذا لم تلتزم (في المستقبل) فعلى المجتمع الدولي أن يواجه التحدي الأكبر لمصداقيته».
واعتبر أن إسرائيل «ترتكب جرائم حرب في خرق واضح» للقانون الدولي، متوجها بالسؤال الى المجتمع الدولي عما سيقوم به «إن استمرت إسرائيل بالضرب بعرض الحائط إرادتكم وقراراتكم». ومع غياب الطائرات وتوقف القصف المدفعي تمكن سكان غزة من الالتفات إلى إصلاح أو إنقاذ ما أمكن، استغل المئات الهدنة وغادروا شمال القطاع ومدينة غزة سيرا على الأقدام حاملين ما أمكن من أمتعتهم.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة بقطاع غزة أشرف القدرة، إخلاء المستشفى الإندونيسي «بالكامل» والعمل على إخلاء بقية الجرحى من مجمع الشفاء الطبي. وقال القدرة لوكالة الأناضول التركية إن «المساعدات الطبية التي دخلت قطاع غزة غير كافية وهي أقل بكير مما كان يدخل سابقا».
وحذر من أن «الوضع الصحي في قطاع غزة سيئ جدا وكارثي للغاية ومنهار ولا توجد أي مقومات صحية».
وأوضح أن «مستشفيات «المعمداني» و«العودة» و«كمال عدوان» تعمل بإمكانيات ضعيفة ومحدودة للغاية في شمالي القطاع الذي يوجد به نحو 900 ألف مواطن».
من جهته، أكد مدير الإعلام في الهلال الأحمر الفلسطيني في تصريح لـ «الأناضول» أن قافلة تضم 61 شاحنة مساعدات توجهت إلى مناطق شمالي القطاع، مشيرا إلى أنها تعد «الأكبر منذ بداية الحرب»، ولاحقا أعلنت إسرائيل دخول 50 شاحنة إلى تلك المناطق. وكانت تحمل الغذاء والمياه ومعدات الإيواء والإمدادات الطبية وتم إرسالها إلى شمال قطاع غزة وإلى الملاجئ في المناطق التي لم يتم إخلاؤها من القطاع الفلسطيني.
بدوره، حذر مسؤول الفريق الطبي النرويجي لقطاع غزة مادس غيلبرت من أن عدد شاحنات الإغاثة الذي سمحت بدخوله إلى القطاع بنود الهدنة غير كاف.
وخلال حديثه للجزيرة، قال إن 75% من مستشفيات قطاع غزة خارج الخدمة، وأضاف ان الوضع شديد الصعوبة في القطاع والاحتلال شن هجوما عنيفا على النظام الصحي.