1- الحقوق مقولة فلسفية تبدأ من النظرية العامة الحقوقية وركائزها من بيان فلسفة الحقوق ومنشأ الحق، لتنتقل بعد ذلك الى الفروع المرتبطة بالحقوق العامة، ثم يزداد التعمق في بحث التطبيقات والنماذج الواقعية لمنظومة الحقوق، ومن بعد ذلك كله تتشكل «النظرية الحقوقية الإسلامية». والقضايا الخاصة بالمجال الحقوقي كثيرة ومهمة جدا، فإننا نحتاج الى حياة كريمة سليمة تحترم فيها حقوق الإنسان.
2- إننا نشهد اليوم إبادة منظمة للجنس البشري في «غزة»، هذه المدينة الصابرة التي ما زالت، ومنذ زمن طويل، تعاني بسبب رفضها الاعتراف بأكاذيب المحتل الذي اغتصب أرض فلسطين من أهلها ويريد إكمال هذا الاغتصاب الجغرافي باغتصاب الإرادة الحرة والروح الطليقة التي تمتنع عن القبول بهذا التجديف، الذي يجعل من السارق صاحب حق، ومن الظالم مظلوماً. تقوم «إسرائيل»، وهي كيان غاصب يعيش على سفك دماء الإنسان، بخداع العالم، إذ تعتبر نفسها مجتمعا إنسانيا مرهف الإحساس ومهمش الحقوق ومحبا للسلام، لكن شخصيتها الحقيقية التي فشلت في إخفائها شخصية مجرم حرب وقاتل وغد مضطرب لا يستطيع إلا أن يقتل بكل دموية، متشفيا بدماء الأبرياء وآلام الضعفاء.
إن هذا الكيان الغاصب يسعى دائما الى اغتصاب الأرواح ويريد أن يصنع إنسانا خاضعا لا يمتلك روحا ولا إرادة حرة ولا قيما حضارية، إنه يريد كائنا سلبيا في مواقفه الحياتية لا يفرق بين الحق والباطل، إنهم يريدون صناعة إنسان بلا جوهره الباطني، يريدون إنسانا لا يمتلك بوصلة الحياة الطيبة الكريمة، ومن هنا جاء بنو إسرائيل بكل مشاريع الضلال والإلهاء وتبعهم كل أفاك أثيم.
3- القانون الدولي الإنساني مهم جدا، لأنه هو النموذج الذي يحقق لنا التزاما حقيقيا بالسلام، ولأنه يمتلك عناصر فعالة ونماذج إطارية بإمكانها أن تمنع البشر من الانجراف وراء جنون السلطة وسطوة شهوة التملك والقوة، وهو يؤدي الى استقرار الحياة السلمية وبناء مجتمع الرفاه والأمان والعدل، لكنها منظومة ينبغي أن تمتاز بمزايا عديدة، أهمها ما يلي:
أ- أن تنطلق من رؤية ملتزمة نابعة من اليقين الروحي والمعنوي بهذه المبادئ، حينئذ نضمن أن تكون حاكمة على تصرفات الدولة والفرد وقرارات الحاكم، وهذه ميزة مهمة لهذه المنظومة تصونها من الميل مع كل ريح تدفعها المصالح والأهواء.
ب- أن تنطلق من إيمان بالرقابة الإلهية، فإن الاعتقاد بالرقابة الإلهية له أثره الواضح في ترسيخ مبدأ «العدالة» والسعي الصادق إلى نشر العدالة في الكون بالفعل الصالح والمسالم وعبر النوايا المخلصة للخير العام.
ج- أن تنطلق من مبدأي «الرحمة والمودة»، فإن الحياة من غير هذين الاثنين حياة جوفاء بلا معنى، وليست مثمرة البتة.
4- أن تنطلق من احترام المساواة والتعددية في كل تجلياتها لكي لا تنتقص الحقوق وتهدر النفوس، كما يحدث اليوم في «غزة»، التي ما زالت تحمل حقا في العيش بكرامة وإباء.. هذا هو قانوننا الدولي الذي نؤمن به وما سواه فليس سوى رقص على الجراح وتخدير للعقول والأرواح.