يسود الترقب لمآل الهدنة الإنسانية المؤقتة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية «حماس» بعد انقضاء يومها الرابع اليوم، فيما تقول منظمات إنسانية وصحية ان الأيام الـ 4 التي نصت عليها الهدنة غير كافية، بينما يحتاج الدمار الذي خلفته الحرب لأشهر وسنوات طويلة لإزالة آثاره.
وتحدثت تقارير إعلامية عن جهود مكثفة تقوم بها الدول الـ 3 عرابة اتفاق الهدنة وهي: قطر والولايات المتحدة ومصر لتمديد الهدنة.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن مصدر مطلع قوله إن المفاوضين يأملون تمديد الهدنة 4 أيام أخرى مع إطلاق سراح 40 إلى 50 أسيرا إضافيا لدى «حماس».
بدورها، نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية المصرية، عن مصدر مسؤول تأكيده أن الدول الـ 3 تجري اتصالات مكثفة لتمديد الهدنة الإنسانية، وذلك بعد نجاحها في منع انهيارها واستكمال تبادل الدفعة الثانية من المحتجزين والأسرى أمس الأول.
وأضاف أن مصر تعرب عن تقديرها للجهود القطرية المبذولة لتنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة الإنسانية، موضحا أن التنسيق والجهود المصرية - القطرية نجحت في استكمال عملية تبادل المحتجزين واستمرار الهدنة الإنسانية. وبانتظار ما ستسفر عنه المساعي الديبلوماسية، تسابق الجهود الإنسانية، لتقديم ما أمكن من الإغاثة قبل ان تعود الطائرات إلى السماء وتستأنف المدافع حصد الأخضر واليابس.
وقال مدير منظمة أطباء بلا حدود في الأراضي المحتلة، ميشال لا شاريتيه، إن الهدنة لمدة 4 أيام فقط غير كافية لنقل المساعدات الإنسانية لتلبية الاحتياجات الهائلة في قطاع غزة. وكرر دعوته لتنفيذ وقف دائم لإطلاق النار بهدف إنهاء القتل العشوائي للمدنيين في غزة، محذرا من احتمال عودة الناس الى منطقة حرب لا مخرج منها.
وناشدت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة جميع الطواقم الطبية والتمريضية الموجودة في محافظتي غزة والشمال للالتحاق فورا بالعمل في مستشفى كمال عدوان، نظرا للظرف الصعب الذي يمر به المستشفى من ضغط العمل الهائل. وقال المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عدنان أبوحسنة: نحتاج على الأقل إلى 120 طنا من الوقود يوميا لبدء تشغيل المرافق الأساسية.
وأكد في تصريح لقناة «الجزيرة» أن معبر رفح لا يكفي ويجب فتح معبر كرم أبو سالم لإيصال الوقود ومواد الإغاثة. وحذر من ان الأمراض المعوية والجلدية تنتشر بأضعاف ما كانت عليه. وشبه الوضع في غزة وشمال القطاع بالزلزال الذي ضرب تركيا وسورية في فبراير الماضي.
قنابل موجهة بالأقمار الاصطناعية
من جهته، قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف إن «ثلث سكان القطاع لم يحصلوا على المستلزمات الأساسية»، منوها إلى أن «كل المؤسسات الدولية غائبة عن القطاع».
وشدد على الحاجة إلى إنشاء مستشفى ميداني كبير في القطاع، حيث إن مستشفى الشفاء يفتقر لجميع الإمكانيات وبات غير صالح للاستخدام.
وأكد في تصريح صحافي أن «أيام التهدئة كشفت حجم المجزرة الكبيرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي».
وقال إن عدد الأطفال الذين قتلوا بغزة يفوق عددهم في كل الصراعات بالعالم العام الماضي.
وأضاف معروف أن قوات الجيش الإسرائيلي ألقت 40 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة خلال أيام الحرب الـ 48، مشيرا إلى أن «القنابل التي استخدمها الاحتلال مؤخرا لم تستخدم من قبل».
وقالت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤول عسكري أميركي، إن إسرائيل ألقت قنبلتين تزن كل واحدة منهما أكثر من 900 كيلوغرام في غارة جوية على جباليا في 31 أكتوبر الماضي.
وذكر المسؤول أن 90% من قنابل إسرائيل على غزة موجهة بالأقمار الاصطناعية، وبعضها يزن أكثر من 900 كيلوغرام.
خرق جديد للهدنة
وفي خرق جديد للهدنة، قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن مزارعا فلسطينيا قتل وأصيب آخر أمس بعد أن استهدفتهما قوات إسرائيلية في مخيم المغازي للاجئين بوسط غزة. وقبل ذلك أعلنت مصادر طبية عن إصابة 7 فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في تل الهوى بمدينة غزة وفي محيط المستشفى الإندونيسي.
وفي خطوة استفزازية قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأول زيارة له إلى قطاع غزة منذ بدء الحرب.
أعنف هجوم
وفي الضفة الغربية، قتل 8 فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي على الأقل خلال 24 ساعة، 5 منهم خلال عملية عسكرية في مدينة جنين، وفق ما أوردت وزارة الصحة الفلسطينية. وأفادت الوزارة عن مقتل
5 فلسطينيين برصاص الجيش خلال توغله بمركبات مدرعة في جنين التي شهدت مؤخرا أعنف عملية إسرائيلية في الضفة منذ ما يقرب من 20 عاما، وراح ضحيتها
14 شخصا، وفق الأمم المتحدة. وأكدت مصادر طبية لوكالة فرانس برس أن 15 شخصا أصيبوا بجروح خلال عملية التوغل.
وفي الإطار أتمت حركة المقاومة الاسلامية " حماس" وإسرائيل الإفراج عن الدفعة الثالثة من المحتجزين والأسرى بموجب اتفاق الهدنة المؤقتة التي تنتهي الاثنين.
فقد أفرجت كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحماس عن 13 رهينة اسرائيلية من غزة، إضافة إلى أربع اجانب خارج الاتفاق وهم 3 تايلانديين وروسيا واحداً، فيما اطلقت اسرائيل سراح 39 اسيرا فلسطينيا من سجونها في ثالث أيام الهدنة.
وأعلنت حركة حماس أمس أنها أفرجت عن رهينة روسية ضمن من تحتجزهم في قطاع غزة «استجابة لجهود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتقديرا للموقف الروسي الداعم للقضية الفلسطينية».
وأكد الجيش الاسرائيلي وجهاز الامن الداخلي (الشاباك) في بيان مشترك تسلم المفرج عنهم، واجراء التقييم الطبي لهم، ثم لم شملعم مع عائلاتهم.
وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان منفصل، أن المفرج عنهم الـ 14 بينهم 9 أطفال قصر و4 نساء ورجل، بالاضافة إلى ثلاثة تايلانديين ورهينة روسية تحمل أيضا الجنسية الإسرائيلية.
وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية أن الإفراج عن الرهينة "تم خارج قائمة التبادل، بترتيب مباشر بين الممثلين الروس وحماس".
من جهته، قال الرئيس الأميركي جو بايدن ان (حماس) أطلقت سراح رهينة أميركية تبلغ من العمر أربعة أعوام في غزة وأعادتها إلى إسرائيل في إطار الدفعة الثالثة للافراج عن المحتحزين.
واعرب بايدن عن امله أن تطلق "حماس" سراح رهائن أميركيين آخرين.
وأضاف أنه يرغب في تمديد وقف القتال ما دام يُطلق سراح رهائن.
وتابع "لن نتوقف عن العمل لحين إعادة جميع الرهائن إلى ذويهم".
وفي سياق متصل، اعلنت إدارة السجون الإسرائيلية الإفراج عن 39 اسيرا فلسطينيا كدفعة ثالثة بموجب اتفاق الهدنة.
واظهرت لقطات تلفزيونية مصورة وصول الحافلات التي تقل الاسرى الفلسطينيين المحررين الى رام الله، حيث استقبلوا من قبل عائلاتهم وجموع من الفلسطينيين بالهتافات والتكبير ورفع علم فلسطين.
وعقب اتمام تسليم وتسلم الدفعة الثالثة من المحتجزين والاسرى، أكدت "حماس" أنها تسعى لتمديد الهدنة بعد انتهاء مدة الأيام الأربعة.
وقالت الحركة في بيان ان ذلك يأتي "من خلال بحث جاد عن زيادة عدد المفرج عنهم كما ورد في اتفاق الهدنة الإنسانية".
في المقابل، قال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هانغبي ان رئيس أركان الجيش صدق على خطط عسكرية لاستئناف القتال في غزة بعد انتهاء الهدنة.