خلقت حالة الفرح التي سادت الشارع الإسرائيلي بسبب الإفراج عن محتجزين إسرائيليين لدى حماس بموجب الهدنة الإنسانية المؤقتة، «معضلة» لدى القادة الإسرائيليين المتمسكين باستئناف الحرب بعد انقضائها، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».
وأشارت الصحيفة إلى أن بنود الهدنة التي تسمح بتمديد وقف إطلاق النار، بعد تعبير إسرائيل عن استعدادها لمنح يوم مهلة جديد مقابل كل 10 رهائن تطلق حماس سراحهم، من شأنها أن «تزيد من ضغوط وعدد المطالبين بوضع إطلاق سراح الرهائن أولوية قصوى لإسرائيل على حساب العمليات العسكرية للجيش بغزة» بحسب ما نقل موقع «الحرة» عن الصحيفة.
وترى «نيويورك تايمز» أن التمديد الذي يسمح بإطلاق سراح المزيد من الرهائن من شأنه أن يبعث «المزيد من الارتياح» في نفوس الإسرائيليين الذين يعتبرون حرية الرهائن الأولوية القصوى لإسرائيل، كما أنه من الممكن أن ينتشر هذا الشعور على نطاق أوسع، مع مرور كل يوم من أيام وقف إطلاق النار، ومع إطلاق سراح المزيد من الرهائن.
وتقول شيرا إيفرون، الباحثة البارزة في منتدى السياسة الإسرائيلية، وهي مجموعة أبحاث سياسية مقرها نيويورك، إن «حماس تعرف ذلك جيدا»، مضيفة أن الحركة «سوف تلعب مع إسرائيل، لعبة البحث عن الرهائن لفرض وقف إطلاق النار وتمديد الهدنة».
وتقول إيفرون: «هناك احتمال كبير جدا أن نشهد تمديدا للهدنة إلى يوم خامس وسادس وسابع».
ومساء أمس الأول، تجمع آلاف الإسرائيليين أمام المقر العسكري المركزي في تل أبيب، لمواصلة الضغط على الحكومة لإعطاء الأولوية لعودة جميع الرهائن على استئناف العمل العسكري في غزة.
وسارت في شوارع تل أبيب، تظاهرة حاشدة للمطالبة بالإفراج عن الرهائن، هتف خلالها المحتجون الذين حملوا صور الرهائن، «حرروهم الآن».
وأوضح تقرير الصحيفة أن التوقف لفترة أطول يمكن أن يعرض للخطر الهدف الأساسي للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، والمتمثل في تدمير وتفكيك حماس، الحركة المسلحة التي قادت أعنف هجوم على إسرائيل في 7 أكتوبر وأسفر عن احتجاز حوالي 240 إسرائيليا.
وتضيف الصحيفة أن استمرار وقف إطلاق النار لفترة أطول من أربعة أيام، «سيمنح حماس المزيد من الوقت لإعادة تنظيم صفوفها، مما يمكنها من الدفاع بشكل أكثر شراسة عندما تستأنف إسرائيل حملتها العسكرية». ومن المتوقع أيضا، بحسب نيويورك تايمز أن يؤدي تمديد وقف إطلاق النار إلى خلق المزيد من الفرص أمام القوى الأجنبية، وخاصة الولايات المتحدة، للضغط على إسرائيل لخفض عملياتها العسكرية بقطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل نحو 15 ألفا من سكان غزة، معظمهم من المدنيين، مما أدى إلى تصاعد القلق بين حلفاء إسرائيل بشأن سير الحملة الإسرائيلية.
وتقول نيويورك تايمز، إنه حتى لو دفعت الولايات المتحدة إسرائيل نحو إنهاء أو تعديل حملتها العسكرية على غزة، فقد يتجاهل قادة إسرائيل كل الانتقادات ويمضون قدما في هجومهم، مشيرة إلى أن «إنهاء الحرب في الوقت الحالي يعني بقاء حماس مسؤولة عن معظم غزة».
كما أن خطوة إنهاء الحرب تعني تبادل الاتهامات بين القادة الإسرائيليين بشأن المسؤولية عن هجوم 7 أكتوبر، حيث تطول انتقادات واسعة كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس الأركان العامة في جيش الدفاع الإسرائيلي، ومسؤولين دفاعيين وأمنيين آخرين.
وبالمقابل، فإن المضي قدما في الهجوم على غزة، حتى لو أدى إلى تأخير الإفراج عن المزيد من الرهائن، وتزايد الانتقادات الدولية لإسرائيل، يمكن القادة الإسرائيليين أيضا من تأخير الضغوط الشعبية من أجل مساءلتهم حول الهجوم، وربما أيضا إنقاذ سمعتهم المتضررة محليا، خاصة إذا انتهى بهم الأمر بالإطاحة بحماس.
كما أن مواصلة الهجوم، تعني كذلك بحسب الصحيفة، تأخير «محادثات صعبة بشأن من يجب أن يدير أجزاء غزة التي سيطرت عليها إسرائيل بالفعل - وهي معضلة لم يتطرق لها أي زعيم إسرائيلي علنا».
وفي هذا الجانب، يقول الديبلوماسي الإسرائيلي بنكاس، إن الحرب بالنسبة للقادة الإسرائيليين «تدور حول القضاء على حماس وتدميرها»، مؤكدا أن «أي شيء أقل من ذلك ليس فوزا. إذا احتفظت حماس بالسلطة في غزة، فيمكنها أن تدعي أنها فازت في الحرب».
وذكرت الصحيفة أنه من الممكن أيضا أن يظل الجمهور الإسرائيلي يؤيد بأغلبية ساحقة استئناف الغزو، حتى ولو كان ذلك يحول دون التحرير الفوري لمزيد من الرهائن، بعد أن تتلاشى صور الفرح الأخيرة.