أعلنت قطر عرابة الهدنة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسرائيلية (حماس)، بالمشاركة مع مصر والولايات المتحدة، عن أملها في التوصل الى وقف إطلاق نار دائم، بالتوازي مع مساع أميركية لتوسيع اتفاق التهدئة الذي يدخل يومه الأخير اليوم ما لم يعلن عن تمديده مجددا.
ومع الإفراج عن مزيد من الأسرى والمحتجزين أمس يسود الترقب والانتظار حول ما إذا كانت الجهود الديبلوماسية ستنجح في التوصل الى تمديد ثان يعطي الغزاويين المزيد من الوقت لالتقاط أنفاسهم ويسمح بإدخال المزيد من المساعدات.
وأعلنت وزارة الخارجية القطرية نجاح تبادل الأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة «حماس» في اليوم الخامس من الهدنة الإنسانية المؤقتة في غزة، معبرة عن أملها في الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في القطاع.
وقال المتحدث باسم الوزارة ماجد الأنصاري في بيان إنه تم الإفراج عن 30 مدنيا فلسطينيا منهم 15 قاصرا و15 امرأة، مقابل إطلاق سراح 10 من المحتجزين الإسرائيليين في غزة.
وأوضح أن قائمة المفرج عنهم من غزة شملت قاصرا و9 نساء بينهن نمساوية وفلبينية واثنتان من الأرجنتين.
وعبر الأنصاري عن أمل قطر في «إحراز المزيد من التقدم خلال الساعات والأيام المقبلة وصولا إلى وقف دائم لإطلاق النار»
بدوره، أكد الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) في بيان مشترك تسلم قوات خاصة تابعة للجيش الرهائن الـ 12 ونقلهم إلى داخل إسرائيل، ومن ثم إخضاعهم للتقييم الطبي في مستشفيات إسرائيلية قبل لم شملهم مع أسرهم.
وكانت كتائب «عزالدين القسام» الجناح العسكري لحركة حماس و«سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي قد أعلنتا تسليم 10 محتجزين في غزة.
وقال بيان صادر عن كتائب القسام «بشكل مشترك كتائب القسام وسرايا القدس سلمتا الدفعة الخامسة من الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، ضمن اتفاق التهدئة».
وقالت «سرايا القدس» على حسابها على تطبيق تليغرام إنها قامت «بتسليم عدد من المحتجزين الصهاينة لدينا ضمن اتفاق صفقة التبادل - فئة المدنيين».
في المقابل، أعلنت مصلحة السجون الإسرائيلية إطلاق سراح الدفعة الخامسة من الأسرى الفلسطينيين، والتي ضمت 30 فلسطينيا من القصر والنساء، مشيرة الى انه تم تجميعهم في سجن عوفر القريب من مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، حيث تسلمهم مندوبو الصليب الأحمر الدولي وتأكد من هوياتهم، قبل قيامه بنقلهم إلى القدس وبيتونيا في الضفة الغربية.
من جهتها، أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نجاح فرقها في تسلم وتسليم المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم كدفعة خامسة ضمن تنفيذ اتفاق الهدنة المؤقنة في غزة.
وأظهرت لقطات تلفزيونية مصورة بثتها قناة «الجزيرة» الفضائية وصول الحافلات التي تقل الأسرى الفلسطينيين المحررين والتقاءهم بعائلاتهم وذويهم.كما قال المتحدث باسم الخارجية القطرية في مؤتمر صحافي أمس إن الدوحة تعمل على تعزيز دور الوساطة في التوصل إلى هدنة ثم وقف دائم لإطلاق النار. ولفت إلى أن أولويات الوساطة هي النساء والأطفال ثم الرجال من المدنيين ثم العسكريين. وأشار إلى انه لا يمكن الحديث عن تفاصيل الوساطة، خاصة فيما يتعلق بالتحديات من قبل الطرفين.
10 محتجزين يوميا
وأضاف ان قطر تركز على تمديد وقف إطلاق النار إلى ما بعد اليوم الأربعاء بناء على قدرة الحركة على مواصلة إطلاق سراح 10 محتجزين يوميا. وأكد أن قطر لا تستطيع التحقق من عدد الرهائن المتبقين بعد الـ 20 الذين ستطلق حماس سراحهم اليوم.
وأشار إلى أن هناك ارتفاعا في نسبة المساعدات التي دخلت غزة لكنه لا يرتقي إلى المأمول، و«ندعم الضغط من أجل إدخال المساعدات إلى شمال غزة»، وبخصوص الحديث حول مستقبل غزة بعد الحرب، قال إن «الشعب الفلسطيني هو صاحب القرار بشأن مستقبله».
في هذه الأثناء، قال مصدر لـ «رويترز» إن مديري جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد» ديفيد بارنياع، ووكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي.آي.إيه» وليام بيرنز، اجتمعا مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في الدوحة «للبناء على التقدم» المحرز على صعيد تمديد الهدنة المعلنة بين إسرائيل وحماس، لمدة 48 ساعة. وأضاف المصدر أن مسؤولين مصريين حضروا الاجتماع في الدوحة الذي تناول أيضا المرحلة التالية من اتفاق محتمل.
البناء على ما تقدم
وذكر المصدر أن الاجتماع هدفه «البناء على التقدم المحرز في اتفاق تمديد الهدنة الإنسانية وبدء المزيد من المناقشات حول المرحلة التالية من اتفاق محتمل».
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤول أميركي ومصدر مطلع أن بيرنز وصل إلى الدوحة لإجراء محادثات بشأن استمرار إطلاق سراح الرهائن. وأضافت الصحيفة أن بيرنز بحث إلى جانب استمرار إطلاق سراح الرهائن، جوانب أخرى من الصراع في غزة.
أما صحيفة «واشنطن بوست» فقالت بدورها نقلا عن مصادر إن مدير «سي. آي. إيه» عقد اجتماعات بهدف التوصل إلى صفقة موسعة بين إسرائيل وحماس. وأضافت أنه يضغط على حركة الجانبين لتوسيع مفاوضاتهما بشأن المحتجزين لتشمل الإفراج عن الرجال والعسكريين.
شروط «حماس»
بدورها، قناة «القاهرة الإخبارية» نقلت عن مصدر مصري وصفته بأنه مطلع، قوله إن «مسؤولين مصريين وقطريين وأميركيين وإسرائيليين يجتمعون في الدوحة للبناء على التقدم المحرز على صعيد تمديد الهدنة في غزة».
وصرح رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر ضياء رشوان بأن الهدنة الفلسطينية - الإسرائيلية سرت دون عوائق، بسبب الجهود المكثفة التي تبذلها مصر بالتعاون مع قطر، والمشاركة الأميركية الفعالة.
إلى ذلك، نقلت وكالة «شينخوا» الصينية عن مصدر في حركة حماس أن أي حديث عن الإفراج عن العسكريين الإسرائيليين المحتجزين لديها سيكون له متطلبات مختلفة كليا عن الإفراج عن المدنيين.
وذكر المصدر أن العسكريين المحتجزين في غزة «هم جنود وضباط وقادة فرق وألوية، ومقاتلون كانوا في دباباتهم وآخرون كانوا بزيهم العسكري وعتادهم في ثكناتهم أي انهم محاربون، وتنطبق عليهم شروط المقاومة». وأضاف ان الإفراج عن هؤلاء «لن يتم دون مبادلتهم بجميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية دون تمييز أو مفاضلة، ودون قوائم وتصنيفات».
بدورها، طالبت الفصائل الفلسطينية بوقف شامل للحرب على غزة. وقالت في بيان مشترك: «نقدر الدورين المصري والقطري، وندعو إلى وقف شامل للحرب الوحشية على غزة». وناشدوا «الأشقاء في مصر استقبال عدد أكبر من الجرحى الذين يحتاجون إلى العلاج».
في غضون ذلك، قال مسؤولون أميركيون كبار إن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل أن تولي اهتماما أكبر بحماية المدنيين والحد من الإضرار بالبنية التحتية إذا شنت هجوما في جنوب غزة لتجنب المزيد من عمليات النزوح التي سيصعب على الجهود الإنسانية مواجهتها.
عين على الجنوب
ومع بدء تطلع إسرائيل إلى الجنوب لمواصلة الحرب على حركة حماس، بعد توقف القتال خلال الهدنة، قال مسؤولون أميركيون إنهم يتحدثون مع الإسرائيليين بشأن إيلاء اهتمام أكبر بالجنوب، حيث يوجد الآن نحو مليوني شخص. وقال المسؤولون للصحافيين في مؤتمر عبر الهاتف إن الرسالة نقلها الجانب الأميركي على مستويات عدة بداية من الرئيس جو بايدن. وأضاف أحد المسؤولين: «شددنا على ذلك بلغة واضحة جدا مع حكومة إسرائيل.. من المهم جدا أن يراعي تنفيذ الحملة الإسرائيلية عندما تنتقل إلى الجنوب بكل السبل ألا تؤدي إلى عمليات نزوح كبيرة أخرى للسكان».
وأردف المسؤول قائلا: «لا يمكن أن يتكرر في الجنوب حجم النزوح الذي حدث في الشمال. سيكون الأمر أكثر من فوضوي، وسيفوق قدرة أي شبكة دعم إنساني.. لا يمكن أن يحدث ذلك». وذكر أنه يتعين على الحملة تجنب الهجوم على مواقع البنية التحتية مثل محطات الكهرباء والمياه والمواقع الإنسانية والمستشفيات في جنوب ووسط غزة.
وأضاف أن الإسرائيليين تقبلوا فكرة «ضرورة القيام بنوع مختلف من الحملات في الجنوب».