أصبح التضخم السمة الأبرز للاقتصاد السوري في فترة الحرب وخاصة خلال السنوات الأخيرة وامتدت تداعياته لتقضي على دخل ومدخرات السوريين ومنهم من دخل دائرة الفقر وانعدام الأمن الغذائي، إذ لم يمس التضخم على اختلاف العاملين بالاقتصاد بل مست تداعياته الجميع وكانت أشد قسوة على الأقل دخلا.
وقال الدكتور المدرس في قسم الاقتصاد والعلاقات الاقتصادية الدولية بجامعة حلب عبد الرؤوف نحاس انه في سورية اختلفت المعايير والمقاييس، فالتضخم أصبح يلد تضخما مستمرا دوريا لا يمكن إيقافه إلا بمجموعة إجراءات.
ويؤكد بحسب ما نقل عنه موقع «أثر» أن حقيقة فكرة «التضخم يحقق ذاته» تعود لفكرة تراجع الثقة بالليرة السورية وبالتالي أصبح الأفراد يذهبون باتجاه ملاذ آمن آخر سواء السلع أو العملات الأخرى مقابل التحوط من الليرة السورية، ما يدفع إلى مزيد من الضغوط التضخمية داخل الاقتصاد دون أسباب التضخم الحقيقية، وبالتالي توقعات التضخم في سورية لم تعد تعتمد على الأسباب الحقيقية للتضخم بل أصبحت تولد ذاتها بذاتها نتيجة عدم استطاعة الحكومة في الفترة الأخيرة توليد جدار من الثقة بين الأفراد والحكومة لجهة ثقتهم بالليرة السورية.
ويشير نحاس إلى محركين أساسيين للتضخم، الأول متعلق بالسياسة المالية والنقدية وأن عدم تناغم بين السياستين المالية والنقدية، لاسيما خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث أدى إلى فجوة حقيقية بين مستوى المدخول والأسعار وحدوث ارتفاعات كبيرة جدا على مستوى معدلات التضخم في سورية، مضيفا بأنه «كلما استطعنا تحقيق حالة من التناغم بين السياستين المالية والنقدية داخل السلطة في سورية نستطيع إيجاد الحلول ونذهب باتجاه تخفيض معدلات التضخم».
أما المحرك الثاني بحسب الدكتور نحاس فهو محرك ديناميكي يعتمد على سعر الصرف المحلي، مضيفا: «تغير أسعار الصرف في سورية خلال الحرب حيث كان مستقر عند الـ 50 ليرة للدولار قبل 2011 ومن ثم تغير بطريقة مختلفة كانت تدريجية في البداية ومن ثم طريقة جامحة أدت إلى حدوث ارتفاعات وضغوط تضخمية وتسجيل أرقام مرتفعة بمعدلات التضخم وصلت إلى 156% في عام 2023».
من جهته، رئيس قسم الاقتصاد والعلاقات الاقتصادية الدولية بجامعة حلب د. محمد الأحمد أوضح لـ «أثر» أن أهم أسباب التضخم زيادة العرض النقدي مقاسة بمعدل النمو، ففي فترة دراسة تم إجراؤها خلال سنوات الحرب ازداد معدل النمو بعرض النقد، إذ وصل إلى 23% عام 2013 رافقه ارتفاع بمعدل التضخم وصل إلى 81% ومن ثم استمر معدل الزيادة بعرض النقد بالمفهوم الواسع بزيادة مستمرة بلغت 11.27% نهاية عام 2021 وبالتالي ارتفع معدل التضخم 118% عام 2021، مشيرا في السياق ذاته إلى أن ارتفاع سعر الصرف من أهم الأسباب التي أدت للتضخم، حيث استمرت أسعار الصرف بالارتفاع حتى وصلت 68% عام 2013 إلى 122% عام 2021 قابله ارتفاع في معدلات التضخم وصل إلى 118% في العام نفسه.