- لا بد من وضع إطار عام فاعل لمخاطر التشغيل يتضمن تحديد ومتابعة ورقابة مخاطر التشغيل وتخفيفها
قال رئيس لجنة الاستثمار لتعبئة الموارد المالية وعضو مجلس الإدارة وعضو اللجنة التنفيذية في اتحاد المصارف العربية ورئيس مجلس الإدارة في بنك الكويت الدولي (KIB)، الشيخ محمد الجراح الصباح، إن الصناعة المصرفية شهدت خلال العقدين الماضيين الكثير من التطورات والتغيرات نتيجة التقدم التكنولوجي المتسارع، وظهور العديد من المنتجات الجديدة التي تقدمها البنوك، مما وضع الصناعة المصرفية أمام تحديات كثيرة تستوجب تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية لتعظيم الفائدة من هذه التطورات والحد أو تخفيف حدة المخاطر الناجمة عنها.
وفي كلمته أثناء انعقاد «الملتقى السنوي لرؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية» في دورته الخامسة، في مدينة الأقصر تحت رعاية محافظ البنك المركزي المصري، حسن عبدالله، وبمشاركة أكثر من 220 شخصية من القيادات المصرفية والرقابية من 17 دولة عربية وأجنبية، والذي قام بتنظيمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزي المصري واتحاد مصارف مصر، أضاف الجراح أن هذا الملتقى يأتي في وقت يمر فيه العالم بمرحلة عصيبة وبظروف صعبة على مختلف الصعد، وذلك نتيجة لما أفرزته جائحة كورونا من تداعيات ما لبث أن أعقبها اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية مطلع العام الحالي، وما خلفته من انهيارات مالية تمثلت بارتفاع أسعار الطاقة الناجم عن توقف ضخ الغاز والنفط الروسي إلى أوروبا، والتضخم ونضوب السيولة، ما أدى إلى تعرض المصارف لمزيد من المخاطر التي تهدد سلامتها، إضافة إلى ما يحدث حاليا من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، داعيا المجتمع الدولي إلى التكاتف من أجل إنقاذ أهالي غزة من العدوان الإسرائيلي الغاشم على المدنيين والتوصل إلى حل شامل وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. وأوضح الجراح أن أبرز هذه المخاطر هي التضخم والسيولة والديون السيادية، إلى جانب مخاطر تغير المناخ، مخاطر الأمن السيبراني، الصيرفة الرقمية المصاحبة للتحول الرقمي، وكذلك مخاطر الائتمان وتقلب أسعار الأرباح. كما شدد على أن هذه المخاطر لا شك ستترك آثارا بالغة الخطورة على مصارفنا العربية، ما يفرض ضرورة التصدي لها والتعامل معها، واحتواء تداعياتها في هذه المرحلة، وذلك بالتعاون مع البنوك المركزية والجهات الرقابية والتشريعية.
واستطرد حديثه قائلا: إن محاور هذا الملتقى تهدف إلى تسليط الضوء على أسباب المراجعة الشاملة للموجودات المثقلة بالمخاطر، وشرح الإصلاحات الجديدة للجنة بازل الهادفة إلى تعديل المضاربة المعيارية لمخاطر الائتمان، ومخاطر التشغيل، ومناقشة المعالجة النظامية للتعرضات السيادية، والتخطيط الرأسمالي، والفرص والتحديات المرتبطة بدمج مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، إضافة إلى مخاطر المناخ، والرقمنة، والأمن السيبراني، وارتفاع أسعار الأرباح وغيرها من المخاطر المؤثرة على الصناعة المصرفية.
وأكد الجراح، أيضا، أن اتحاد المصارف العربية يهدف من خلال هذا الملتقى السنوي الدائم إلى تأكيد أهمية فهم ثقافة المخاطر والتخفيف من تداعياتها، ولا يخفى على أحد أهمية البحث والنقاش وتبادل الخبرات والمعرفة في كل ما يتعلق بالمخاطر المصرفية، وخصوصا ما أدخلته لجنة بازل للرقابة المصرفية ومجلس معايير المحاسبة الدولي من تعديلات على منهجيات قياس وإدارة المخاطر، واحتساب الخسائر الائتمانية المتوقعة، وذلك استنادا إلى التطورات والتداعيات التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية التي تركزت في نقص السيولة، وضعف رؤوس أموال المصارف، والتدني في جودة محافظ التمويل.
وقال في هذا السياق: إننا نسعى من خلال هذا الملتقى إلى وضع منهجية واضحة لدى البنوك لإدارة المخاطر، وخصوصا المخاطر الرقمية، وتطوير قدرات العاملين في إدارات أمن المعلومات في البنوك، وتضمين الاستراتيجيات والسياسات الخاصة بالبنوك جزءا خاصا بإدارة مخاطر الأمن السيبراني، وتعزيز ثقافة الحوكمة الإلكترونية، إضافة إلى وضع إطار عام فاعل لمخاطر التشغيل، على أن يتضمن تحديد ومتابعة ورقابة مخاطر التشغيل وتخفيفها، وخاصة تلك المتعلقة بكل المنتجات والأنشطة والعمليات المصرفية، سواء الحالية أو الجديدة، وذلك باعتبارها جزءا من النهج الشامل لإدارة المخاطر في البنك. وأشار الجراح من جهة أخرى إلى أن التحديات كبيرة، والاستحقاقات وشيكة، وتتطلب أعلى مستويات التعاون وتوفير الموارد الضرورية لتطبيق سياسات إدارة مخاطر فعالة، ولن يكون ذلك ممكنا إلا بتطوير الخبرات البشرية في مجال إدارة المخاطر، لافتا إلى أن هذا الملتقى يعتبر فرصة مثالية لتضافر الجهود في هذا المجال. واختتم الجراح كلمته بتجديد الشكر لمحافظ البنك المصري المركزي، حسن عبدالله، ومحافظ الأقصر محمد مصطفى ألهم، وجميع المشاركين في الملتقى.