شهد صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي تبادل عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الثنائية بين البلدين.
جاء ذلك خلال ترؤسهما، في العاصمة القطرية الدوحة، امس، اجتماع الدورة السابعة لمجلس التنسيق السعودي - القطري.
ورحب أمير قطر بولي العهد السعودي في زيارته لدولة قطر، فيما عبر ولي العهد السعودي عن شكره وتقديره لأمير دولة قطر على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
وجرى خلال الاجتماع استعراض أوجه العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، كما جرى تناول مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.
بيان مشترك سعودي ـ قطري
وقد صدر بيان مشترك في ختام الاجتماع السابع لمجلس التنسيق السعودي ـ القطري الذي عقد برئاسة مشتركة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، وبمشاركة أصحاب السمو والمعالي والسعادة أعضاء المجلس ورؤساء اللجان الفرعية وأعضاء اللجنة التنفيذية في الجانبين.
وأوضح البيان، الذي أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس)، أن الأمير محمد بن سلمان عبر عن سعادته بزيارة بلده الثاني دولة قطر الشقيقة مجددا، وأشار إلى ما تشهده العلاقات الثنائية بين البلدين من تطور وتعاون متسارع على كل الأصعدة، واعتبر سموه أن هذا المجلس من أهم وسائل التواصل والتنسيق بين البلدين التي تجسد تلك العلاقات الراسخة، وأنه من الواجب السعي بكل جدية لتعميق وتوسيع مجالات التعاون الثنائي بما يحقق للبلدين وشعبيهما نهضة مستقبلية ونموا مستداما.
من جهته، قدم صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني التهنئة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، بفوز مدينة الرياض لاستضافة معرض «إكسبو الدولي 2030»، وترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034.
وعبر الجانبان عن ارتياحهما لما تم التوصل إليه في اجتماعات اللجان الفرعية من نتائج ومخرجات ومبادرات إيجابية والتوافق على التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، والتي من شأنها تعزيز التعاون بين البلدين في جميع المجالات، وأكدا على أهمية استمرار دعم وتطوير عمل المجلس ولجانه الفرعية والتنسيق الدائم بين الجانبين للإسهام في تعزيز فاعليته كأداة مؤسسية منظمة للأعمال في شتى المجالات، وأن يتم متابعة تنفيذ توصيات ومبادرات اللجان الفرعية بدعم ومساندة كل من اللجنة التنفيذية والأمانة العامة للمجلس.
وفي الشأن السياسي، أعرب الجانبان عن ارتياحهما لما وصلت إليه المشاورات السياسية من مستوى متقدم تعبر عن عمق العلاقة الأخوية القائمة بينهما، وأكدا على أهمية استمرار توطيد وتعزيز التعاون والتشاور السياسي بين البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وفي الشأن الأمني والعسكري، نوه الجانبان بأهمية تعزيز التعاون الأمني والعسكري بما يسهم في دعم أمن واستقرار المنطقة، بالإضافة إلى توطيد التعاون في مجالات التدريب والابتعاث العسكري، وتبادل الخبرات وبناء شراكات في المجالات الأمنية والعسكرية.
وفي الشأن الثقافي والسياحي والترفيهي، أشاد الجانبان بالتنسيق والتعاون القائم بين البلدين في المجالات الثقافية والسياحية والترفيهية، وذلك من خلال تبادل الخبرات والتنسيق في إعداد ملفات ثقافية مشتركة وتعزيز التعاون بين البلدين فيما يخص التسجيل على قائمة التراث المادي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، والمشاركة في المهرجانات والفعاليات الثقافية بين البلدين، وإقامة الندوات الثقافية المشتركة، وتحسين مسارات وصول السياح الدوليين إلى البلدين.
وفي المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، أكد الجانبان على أهمية تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتطوير العمل المشترك لتنويع وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، وتسهيل تدفق الحركة التجارية، وتذليل أي تحديات قد تواجهها، واستثمار الفرص المتاحة في إطار «رؤية المملكة 2030»، و«رؤية قطر الوطنية 2030»، وتحويلها الى شراكات ملموسة في المجالات كافة بما يعود بالمنفعة على اقتصادي البلدين وشعبيهما الشقيقين. كما أكدا على أهمية رفع وتيرة التعاون الاستثماري، ودعم فرص التكامل الاقتصادي في عدد من القطاعات المستهدفة في البلدين.
وفي شأن الاستثمار والطاقة والبنى التحتية، أكد الجانبان على أهمية بحث سبل توسيع الشراكات الاستثمارية بينهما، والتعاون المشترك في الترويج للاستثمار وتنميته وتمكين ريادة الأعمال والتقنية من خلال الجهات المعنية في البلدين، وإطلاق المبادرة السعودية ـ القطرية للمهارات الرقمية بين وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في دولة قطر، كما أعربا عن رغبتهما في بحث سبل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة بما فيها الكهرباء، وكفاءة الطاقة، والطاقة المتجددة، ومستقبل النقل وتقنياته الحديثة والربط السككي بين البلدين، والزراعة والأمن الغذائي، بما يعود بالمنفعة المشتركة على اقتصادي البلدين.
وفي المجال الإعلامي، اتفق الجانبان على إقامة شراكة استراتيجية بين وزارة الإعلام في المملكة والمؤسسة القطرية للإعلام في جميع قطاعات الإعلام بما في ذلك رفع موثوقية المحتوى الإعلامي، والمواكبة الإعلامية لما يستضيفه البلدان من مناسبات وفعاليات والعمل على إبرازها عالميا، والتبادل البرامجي والإنتاج المشترك، وتنظيم الإعلام المرئي والمسموع.
كما تم توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم شملت التعاون المشترك في مجال أعمال البنوك المركزية بالبلدين، والتعاون في مجال الشباب والرياضة.
وفي الشأن الإقليمي، ناقش الجانبان تطورات الأوضاع في فلسطين، وأعربا عن بالغ قلقهما حيال الكارثة الإنسانية في قطاع غزة وما يشهده القطاع من جرائم وحشية راح ضحيتها الآلاف من المدنيين العزل من الأطفال والنساء ومبار السن، وتدمير للمنشآت الحيوية ودور العبادة والبنى التحتية، نتيجة للاعتداءات السافرة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، وشددا على ضرورة وقف العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وحماية المدنيين وفقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وأكدا على أهمية الدور الذي يجب أن يضطلع به المجتمع الدولي في وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية والضغط على إسرائيل لإيقاف هجماتها الوحشية وإيقاف التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة الذي يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني والقوانين الدولية.
وشدد الجانبان على ضرورة تمكين المنظمات الدولية الإنسانية من القيام بدورها في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الشعب الفلسطيني بما في ذلك منظمات الأمم المتحدة، خاصة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ودعم جهودها في هذا الشأن، وأكد الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود للوصول إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية وفقا لمبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما يكفل للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي الشأن اليمني، أكد الجانبان أهمية الدعم الكامل للجهود الأممية والإقليمية للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، وثمنا الجهود الأممية في تعزيز الالتزام بالهدنة، وأكدا على أهمية انخراط جميع الأطراف المعنية بإيجابية مع الجهود الدولية والأممية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية والتعاطي بجدية مع مبادرات وجهود السلام وفقا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، وأشاد الجانب القطري بجهود المملكة ومبادراتها العديدة الرامية لتشجيع الحوار والوفاق بين الأطراف اليمنية، ودورها في تقديم وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لكل مناطق اليمن، وما تقدمه المملكة من دعم مالي لمعالجة الأوضاع المالية الصعبة التي تواجه الحكومة اليمنية، والمشاريع التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.
وحول تطورات الأوضاع في السودان، أكد الجانبان على أهمية التزام طرفي الصراع في السودان بوقف إطلاق النار، والبناء على إعلان جدة (الالتزام بحماية المدنيين في السودان) الموقع في 11 مايو 2023، والترتيبات الإنسانية في إطار القانون الدولي الإنساني الموقع في 20 مايو 2023، من أجل إنهاء الصراع القائم في السودان وعودة الحوار السياسي بين جميع الأطراف. ورحب الجانبان بالتقدم المحرز في محادثات جدة الثانية في 7 نوفمبر 2023، التي أسهمت في استئناف الحوار بين طرفي الصراع للتوصل إلى التزام باتخاذ خطوات لتسهيل زيادة المساعدات الإنسانية، وتنفيذ إجراءات بناء الثقة، تمهيدا للتوصل إلى وقف دائم للصراع، وتخفيف المعاناة عن الشعب السوداني.
وفي الشأن السوري، أكد الجانبان على أهمية إيجاد حل عادل وشامل للأزمة السورية ينهي جميع تداعياتها ويسهم في العودة الطوعية الآمنة للاجئين السوريين إلى بلدهم، ويحافظ على وحدة سورية وسلامة أراضيها، وأعربا عن تطلعهما بأن تتخذ الحكومة السورية خطوات جادة لمعالجة جذور هذه الأزمة، بما يدعم استقرار الجمهورية العربية السورية ووحدة وسلامة أراضيها.
ورحب الجانب القطري باتفاق المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية على استئناف العلاقات الديبلوماسية بينهما، معربا عن أمله في أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بما يحفظ سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. كما دعا الجانبان الجمهورية الإسلامية الإيرانية للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن سلمية برنامجها النووي، وأهمية أن يسهم أي اتفاق في التأسيس لمفاوضات شاملة تشارك فيها دول المنطقة بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وفي الشأن الدولي، جدد الجانبان حرصهما على مواصلة التنسيق بينهما، وتكثيف الجهود الرامية إلى صون الأمن والسلم الدوليين. وتبادل الجانبان وجهات النظر حول القضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، وأكدا عزمهما على تعزيز التعاون والتنسيق المشترك تجاهها، ومواصلة دعمهما لكل ما من شأنه إرساء السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
وفيما يخص الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، أكد الجانبان على أهمية تسوية الخلافات بالوسائل السلمية، وبذل الجهود الممكنة لخفض التصعيد بما يسهم في إعادة الأمن والاستقرار، ويحد من التداعيات السلبية لهذه الأزمة. وأشاد الجانب القطري بالجهود الإنسانية والسياسية التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ومن ذلك الإفراج عن عدد من الأسرى من جنسيات مختلفة، والجهود المستمرة في هذا الشأن، كما أثنى الجانب السعودي بالجهود المبذولة من دولة قطر في الوساطة بين طرفي الأزمة بلم شمل عدد من الأطفال بعائلاتهم في أوكرانيا.