يعد الاقتراض أحد أهم الركائز الأساسية للاقتصاد العالمي في العصر الحديث، فضلا عن كونه أحد أهم الأدوات الرئيسية في مختلف سياسات الدول سواء على الصعيد الاقتصادي، أو التنموي والاجتماعي، لكن تزايد حجم الديون العالمية للدول أصبح مثارا للقلق.
وجاءت أزمة الوباء كاشفة لكثير من نقاط الضعف في النظام المالي العالمي، حيث انتهت حقبة البرامج الضخمة للتيسير النقدي والمالي، والتدابير الحكومية لدعم أسواق العمل، وكبح الموجات المحتملة للإفلاس، ليواجه العالم مخاطر تضخم الأسعار، وارتفاع تكاليف الاقتراض نتيجة رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم.
ويتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي صدر في أكتوبر الماضي، أن يصل إجمالي الديون العالمية للحكومات إلى 97.1 تريليون دولار بحلول نهاية العام، بزيادة تصل إلى 40% منذ عام 2019، أي خلال أربع سنوات فقط.
واحتلت الولايات المتحدة الأميركية المرتبة الأولي من حيث مساهمتها في إجمالي الديون العالمية المتوقعة هذا العام، مع ديون حكومية قد تصل إلى 33.2 تريليون دولار، لتستحوذ تكلفة خدمة هذه الديون وحدها على 20% من الإنفاق العام الأميركي سنويا.
ولا يتوقف السيناريو الأميركي عند هذا الحد، حيث تشير التقديرات إلى أن التكلفة السنوية لخدمة الديون الأميركية سوف ترتفع إلى تريليون دولار بحلول عام 2028، لتتجاوز إجمالي النفقات الدفاعية للقوة العسكرية الأكبر على مستوى العالم.
وتأتي اليابان صاحبة ثالث أكبر اقتصاد على مستوى العالم، في المرتبة الثالثة بعد الصين من حيث مساهمتها في إجمالي الديون العالمية المتوقعة لهذا العام، بنسبة تبلغ 11.1%، ليتجاوز حجم ديونها الحكومية 255% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2023.
ويتضح من توزيع حجم الديون العالمية، أن الدول الواقعة في كل من قارة أميركا الشمالية، ومناطق آسيا والمحيط الهادئ تستحوذ على النصيب الأكبر من الديون العالمية المتوقعة لهذا العام، فضلا عن ارتفاع نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي في هذه البلدان، لكن التقديرات الخاصة بالقارة العجوز لا تقل أهمية عنها.
كما أن ارتفاع مستويات الديون في قارة إفريقيا بوتيرة متسارعة يعد أمرا لافتا، خاصة وأن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن 40% من متوسط ديون القارة السمراء هي بالعملات الأجنبية، الأمر الذي يجعلها أكثر عرضة لمخاطر تقلبات أسعار الصرف.