تناولنا في السابق شيئا من تحفظاتنا على صياغة بعض أهداف التنمية المستدامة انطلاقا من فخرنا وتمسكنا وتفعيلنا لقيمنا وحضارتنا وعاداتنا الأصيلة واستمدادنا منها، وذكرنا بعض التحفظات حول بعض الأهداف واليوم نستكمل شيئا من ذلك.
ومن ذلك الهدف الثالث وهو «ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار»، ونحن نقترح أن يكون الهدف هو «السلامة الصحية وتشجيع أنماط العيش السوية»، إذ لنا أن نتساءل: ما حد الرفاهية؟ وكيف نضمن تمتع «الجميع» بها؟ وما إجراءات هذا الضمان؟ ونحن نظن أن الإجابة عن هذه الأسئلة تبين منطقية مقترحنا بتعديل صياغة الهدف، فضلا عن أن الهدف الذي نقترحه يركز على السلامة الصحية وهو صلب غايات الهدف الثالث التي ذكرتها الأمم المتحدة، والذي يتحدث عن تشجيع أنماط العيش السوية التي تضمن الحد الأدنى من المعيشة الكريمة، وهو ما يسهل قياسه عكس «الرفاهية» التي ذكرها الهدف الثالث.
أما الهدف الخامس فكان «تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات»، ونحن نقترح أن يكون «تحقيق العدل بين الجنسين وإعطاء الحقوق لكل النساء والفتيات». وقد تناولت غايات هذا الهدف «موضوع الختان» و«ضمان حصول الجميع على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية».. وهو ما يمكن أن يؤدي إلى ما نظنه «مفاسد» أو أمور غير منضبطة إذا لم تحدد المصطلحات والمقصود منها بدقة. ثم لنا أن نسأل: ما معنى «تمكين النساء»؟ وما حده؟
إن ديننا عامل المرأة بكمال الأهلية، والمرأة تماثل الرجل في أمور وتفارقه في أخرى. والخلاصة: أن الأمر بين الرجال والنساء أو الرجل والمرأة يحدده ضوابط عدة، ومقترحنا ينطلق من هذا الأساس. أما الغايات الأساسية لهذا الهدف من مثل «القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات» و«القضاء على جميع أشكال العنف» فقد سبقت فيها حضارتنا الإسلامية العالمين، ويكفي أن نذكر أن حق المرأة في الميراث مثلا لم يقر في أوروبا إلا في عام 1974.
ولن أسترسل في تتبع هذه التحفظات، ولكن ينبغي التذكير بأننا نعمل في مجتمع لا تحكمه الأماني، وأننا يجب أن نتحلى بالواقعية والمنطقية وأن ندرك وسعنا وطاقتنا، وفي ضوء ذلك أدعوك عزيزي القارئ إلى إعادة النظر في الأهداف التالية مثالا.. الهدف 7: «ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة»، الهدف 8: «تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع» وإحدى غاياته هي «تحقيق العمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل اللائق لجميع النساء والرجال، بما في ذلك الشباب والأشخاص ذوو الإعاقة، وتكافؤ الأجر لقاء العمل المتكافئ القيمة، بحلول عام 2030»، والهدف 10: «الحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها» الهدف 11 «جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة» وإحدى غاياته هي «ضمان حصول الجميع على مساكن وخدمات أساسية ملائمة وآمنة وميسورة التكلفة، ورفع مستوى الأحياء الفقيرة، بحلول عام 2030»، وللحديث بقية.