- ما يتعرض له اللاجئون من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان يدعو إلى وقفة جادة من المجتمع الدولي للعمل نحو معالجة جذور الصراعات
- ما نشهده من أوضاع استثنائية جراء النزاعات والصراعات المختلفة وما ينتج عنها يتطلب شراكة وإرادة دولية صادقة من أجل التصدي لها
ترأس وزير الخارجية الشيخ سالم العبدالله وفد الكويت المشارك في المنتدى العالمي للاجئين 2023 الذي انطلقت أعماله في مدينة جنيف السويسرية برعاية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ويعتبر أكبر تجمع دولي في العالم حول اللاجئين.
وتم خلال المنتدى بحث آليات دعم التنفيذ العملي للأهداف المنصوص عليها في الميثاق العالمي بشأن اللاجئين بغية تخفيف الضغوط على اللاجئين والبلدان المستضيفة لهم، وبحث أنجع السبل لتعزيز اعتماد اللاجئين على أنفسهم وإيجاد الآليات المثلى لدعم الأوضاع في دولهم من أجل عودتهم بأمان وكرامة إلى بلدانهم، كما تم خلال المنتدى تسليط الضوء على التقدم المحرز في هذا الإطار.
وقد ألقى وزير الخارجية الشيخ سالم العبدالله كلمة في أعمال هذا المنتدى نصها التالي:
اسمحوا لي بداية أن أعرب عن بالغ الشكر والامتنان لكل الدول الشقيقة والصديقة على استضافة ورعاية هذا الحدث الدولي المهم، متطلعين أن يشكل فرصة للبناء وسد أوجه القصور التي طالت مخرجات المنتدى الأول وصولا إلى النجاح في التخفيف من وطأة معاناة اللاجئين والدول المستضيفة وضمان العودة الآمنة والكريمة لهم. ولا يفوتني في هذا المقام أن أعبر عن دعم الكويت الكامل لكل المساعي والجهود التي تبذلها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والوكالات الدولية المتخصصة ذات الصلة تجاه إغاثة اللاجئين والنازحين حول العالم.
وقال: نجتمع ونحن ندرك جيدا حجم الأخطار والتحديات التي نواجهها وتداعياتها الوخيمة على اللاجئين وعلى الرغم مما تم تحقيقه من أهداف وتوصيات منصوص عليها في الميثاق العالمي بشأن اللاجئين إلا أنه بات لزاما علينا العمل الجاد على وضع آليات تتميز بفاعليتها واستدامتها لتكون قادرة على حد من تداعيات الظروف الحالية والناشئة عن هذه الأخطار والتحديات.
وتعتز الكويت بالشراكة الاستراتيجية والعلاقة المتميزة التي تجمعها بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، كما تفخر كونها من أكبر الدول المانحة للمفوضية حول العالم.
إن مساهمات الكويت في هذا المجال لا تكون إلا من منطلق حرصها الدائم على مساعدة الشعوب المنكوبة ومن واجبها الديني والأخلاقي والإنساني بغض النظر عن أي اعتبارات كانت جغرافية أم عرقية أم دينية. إن ما نشهده من أوضاع استثنائية جراء النزاعات والصراعات المختلفة بما ذلك الكوارث الطبيعية وما ينتج عنها يتطلب شراكة وإرادة دولية صادقة من أجل حسن التصدي لها.
وفي هذا الصدد، نعبر عن ألمنا حيال ما جاء في التقارير الأخيرة لمفوضية شؤون اللاجئين من أرقام تبعث على القلق، حيث تشير إلى تجاوز عدد اللاجئين والنازحين حول العالم لأكثر من 117 مليون إنسان. وإن ما يعيشه الشعب الفلسطيني الشقيق من واقع مؤلم وتهجير قسري وعنف ممنهج من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية هو أمر مرفوض تماما ومستنكر بأشد العبارات ويحتم علينا دعوة المجتمع الدولي إلى التحرك فورا لوقف إطلاق النار بالشكل الكامل وفتح المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية دون شروط والعمل معا للوصول إلى حل عادل وشامل ونهائي.
ومن هذا المنطلق، تجدد الكويت موقفها الثابت والمبدئي في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق ومساندته وصولا إلى حصوله على كامل حقوقه المشروعة بإقامة دولته المستقلة وفق المرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية.
ولقد شهدنا للأسف الشديد الأسبوع الماضي عجز مجلس الأمن عن اتخاذ قرار حظي بدعم أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة يدعو لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإنقاذ الوضع الإنساني المتدهور هناك، وعدم استجابة المجلس لتحذير الأمين العام للأمم المتحدة من خلال الرجوع إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة والتي لفت من خلالها انتباه مجلس الأمن بأن ما يجري يهدد النظام الإنساني وبانهيار السلم والأمن الدوليين.
كما نخشى أن هذا الفشل في وضع حد لتداعيات الأوضاع في غزة سيدفع نحو مواصلة قوات الاحتلال لانتهاكاتها في عمليات القتل والتدمير والتهجير للشعب الفلسطيني الشقيق.
هذا ويحدونا الأمل بأن تسهم كل الجهود السياسية والديبلوماسية في تلبية الاحتياجات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين العزل، وهو ما يلزم المجتمع الدولي وخصوصا مجلس الأمن باتخاذ كل التدابير لضمان حماية المدنيين العزل من العدوان الإسرائيلي الغاشم وفقا للمسؤوليات المنوط بها المجلس في صون وحفظ الأمن والسلم الدوليين.
إن ما يتعرض له اللاجئون حول العالم لاسيما في منطقتنا المثقلة بالصراعات من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي يدعو إلى وقفة جادة من المجتمع الدولي للعمل نحو معالجة جذور الصراعات ودعم المسارات السياسية والديبلوماسية الوقائية.
وكذلك نحو إلزام الأطراف المتورطة بالنزاعات بتحمل واجباتها نحو حماية المدنيين واحترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني وتفعيل الآليات اللازمة لتجريم الأفعال المحرمة دوليا كافة والتشديد على أن الإفلات من العقاب لا يمكن أن يكون خيارا في النزاعات المسلحة.