حزن كبير خيم على قلوبنا جميعا في وفاة أميرنا الراحل سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وما كان للحزن أن يسري في النفوس، وأن يتمكن من الأرواح وأن يملأ المقل بالدموع لولا تلك السجية الرائعة من التواضع والعفو، والأخلاق والصفح، التي عاشها سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله، منذ عرفه الشعب الكويتي في أول منصب تقلده.
هذا النموذج الفريد لحاكم دولة في عصر الوجاهات والمواكب والحراسات، سيبقى محفورا في ذاكرة أبناء الكويت والمقيمين على أرضها.
فلن ينسى هؤلاء لقطاته المميزة التي توثق صلاته في مسجد حيه بين أبناء شعبه المواطن منهم والمقيم، دونما استعلاء يتملكه، أو حماية تحرسه، أو مواكب سوداء تحيط به.
لن تغادر أذهاننا مشاهد أميرنا الراحل وهو يقرأ كتاب الله محبا له شغوفا به عاكفا على قراءته، يجلس على الأرض يحمل المصحف بعيدا عن مظاهر الأبهة والعظمة.
لن ينسى الشعب الكويتي أن قلب الأمير الراحل كان كبيرا احتوى الكويت وشعبها وكل من أقام على أرضها، فاتسع لهم جميعا، ولم يأل جهدا في خدمتهم والسعي لتحقيق متطلباتهم.
الجميع انكسر وانقهر لفراقك يا عنوان التواضع، كيف لا وكنت تشاركهم أفراحهم وتتواجد في أتراحهم، تفرح بما يسرهم وتتألم لما يلم بهم؟
لن ننسى أن أمير العفو والتواضع كان يظهر على العلن ويوصي ولي عهده على الملأ أن: تعهدوا أبناء شعبي.. واقتربوا منهم، وكونوا عونا لهم، تلمسوا متطلباتهم، ولا تقصروا في حقهم. وكم من مرة كنا نحن الشعب الكويتي محل وصيته لولي عهده ورئيس حكومته.
لن ينسى أبناء وطننا أن سمو الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد، طيب الله ثراه، أراد لعهده أن يكون عهدا جديدا يتسم بالإصلاح والوئام، والمحبة والسلام، فحارب الفساد وأعاق عمل المفسدين، وترك إرثا عظيما من المحبة والاعتزاز في نفوس كل من عرفوه.
سيبقى التاريخ يخلد أخلاقك أيها الراحل، فلم تكن تعدم الأدب واللمسة الحانية على أبناء شعبك، كان يبكيك ما يبكيهم، ويؤذيك ما يؤذيهم.
تجسد معدنك النبيل يا أميرنا الحبيب في كل منصب تقلدته، فاتسمت في كل ذلك بالحكمة والتسامح والسلام، واليوم حططت رحالك عند رب كريم رؤوف رحيم.
هذه السمات الطيبة، والخصال الحميدة التي التصقت بشخصية سمو الشيخ نواف الأحمد، طيب الله ثراه، على مدار عمره الذي عاشه بين أبناء شعبه جدير بها أن تكون نهجا يدرس في مدارسنا، ليتعلم أبناؤنا وبناتنا وأحفادنا ومن بعدهم أن التواضع هو مفتاح محبة الجماهير وكسب قلوبها، ولتبقى خصاله خالدة في ذاكرة الأجيال، فالقادة من أمثال الشيخ نواف تركوا صفحات ناصعة في الوطنية والمحبة والصفح والعفو.
اللهم ارحم عبدك الشيخ نواف الأحمد وأسكنه فسيح جناتك. اللهم إننا نحتسب في عبدك الشيخ نواف الأحمد أنه أقر عيوننا، ونشهدك انه رجل أحب شعبه وبلده، وأحبه شعبه وأمته، فارحمه برحمتك التي وسعت كل شيء.. آمين.
[email protected]