يتساءل العديد من المستثمرين حول آفاق أسهم التكنولوجيا الأميركية خاصة تلك التي يطلق عليها مسمى «السبع الكبار»، خلال العام المقبل، بعد ارتفاعها على نحو غير متوقع خلال العام الحالي، ويأتي ذلك في ظل تزايد توقعات الأسواق بشأن احتمال تركيز بنك الاحتياطي الفيدرالي على إجراءات تيسير سياسته النقدية مع هدوء حدة الضغوط التضخمية.
وارتفع مؤشر «إس آند بي 500» الذي تمثل أسهم شركات التكنولوجيا السبع الكبار أكثر من ربع وزنه، بنسبة 23.5% منذ بداية العام حتى الآن، ليمحو جميع خسائره لعام 2022، بينما صعد مؤشر «ناسداك» بنحو 53% على مدار العام الحالي، وفق بيانات «فاكت ست».
لكن تفوق أداء عدد قليل من الأسهم في السوق الأميركي خلال عام 2023 أثار الجدل حول قدرة كبرى شركات التكنولوجيا على دعم أسواق المال مرة أخرى خلال العام المقبل، ويشير مصطلح «السبع الكبار» المستخدم على نطاق واسع في وول ستريت إلى شركات «ألفابت» و«مايكروسوفت»، و«أمازون» و«ميتا» و«تسلا» و«أبل» و«إنفيديا».
ويرى «دان سوزوكي» نائب رئيس الاستثمارات لدى «ريتشارد بيرنشتاين أدفايزورز»، أن هناك احتمالا دائما لاستمرار زخم الأسواق المالية في عام 2024، لكن فرص تحقيق ذلك قليلة جدا في نظره لأن أسهم الشركات السبع الكبار تحتاج إلى بيئة من النمو الاقتصادي المعتدل.
وأوضح «سوزوكي» أن سيناريو صعود أسهم السبع الكبار يتطلب نمو الاقتصاد بالتزامن مع تراجع الضغوط التضخمية كي تظل هذه الأسهم بمثابة العمود الفقري للسوق خلال العام المقبل، وأضاف أنه في حال تسارع النمو الاقتصادي سوف يمتد الانتعاش إلى أسهم الشركات الأخرى القادرة على زيادة أرباحها، فيما يعرف بالتناوب الكلاسيكي.
وأضاف أن دورة التناوب الكلاسيكي هذه ستحول اهتمام المستثمرين نحو أسهم أرخص قادرة على محاكاة اتجاه الدورة الاقتصادية، وعندها يصبح المستثمرون «متسوقين بالمقارنة»، الأمر الذي يشكل تهديدا لهيمنة المجموعة الصغيرة من شركات التكنولوجيا.
وأشار عدد من المحللين الاقتصاديين إلى ظهور أدلة مؤخرا على امتداد موجة ارتفاع الأسهم إلى ما هو أبعد من السبع الكبار خلال عام 2023 مع الارتفاع الجماعي الكبير للأسهم. وقد تمكن مؤشر «ناسداك» الإثنين الماضي من الإغلاق مرتفعا مع هبوط أسهم الشركات السبع الكبار، وهي المرة الثانية لحدوث مثل هذا الأمر منذ عام 2012 وفق بيانات «داو جونز».
وقال «توم هوليك» الرئيس التنفيذي لدى «ستراتيجي أسيت مانجرز»، إن الدور القيادي الذي تلعبه أسهم السبع الكبار في السوق ربما توقف بشكل مؤقت، لكنه يرى أن الاتجاه الصاعد لأسهم التكنولوجيا آخذ في الاتساع بفضل الذكاء الاصطناعي الذي يساعد الأسهم المتخلفة في اللحاق بركب انتعاش الأسواق، فضلا عن التحسن التدريجي للظروف الاقتصادية لتصبح أكثر ملاءمة لبعض الشركات الأصغر.
ويرى هوليك أن سوق الأسهم قد تبدو مهيأة لصعود آخر في عام 2024 يغطي على جميع فترات الانتعاش التي حدثت في الماضي، لكن الأمر يتوقف هذه المرة على النظرة المستقبلية للأوضاع الكلية.
فيما قال ديف سيكيرا كبير استراتيجيي الأسواق الأميركية لدى «مورننج ستار ريسرش»، إن إحدى الطرق الفعالة لاستفادة المستثمرين من أسهم الذكاء الاصطناعي دون تحمل علاوات التقييم العالية هي البحث عن الشركات ذات الصلة بهذه التقنية، والتي تدمجها في أعمالها لدفع نمو الإيرادات.
وأشار إلى احتمال استعانة كثير من الشركات بمصادر خارجية للحصول على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لأنها لا تمتلك بالضرورة الموارد المالية والخبرات اللازمة لتطوير برامجها الخاصة، لذلك يتوقع أن يبحث المستثمرين أكثر عن هذا النوع من «اللاعبين الثانويين» لأنهم سيشاركون في نمو وتوسع الذكاء الاصطناعي، على حد قوله.
وذكر فريق من محللي «بايبر ساندلر» في تقرير صدر مؤخرا، أن اهتمام المؤسسات الأميركية بالذكاء الاصطناعي سواء فيما يتعلق بالتخطيط أو الاختبار أو تطبيق التقنيات التوليدية خلال عام 2024، ارتفع بنسبة 75%.
وكشف التقرير عن زيادة نوايا إنفاق الشركات الأميركية على الذكاء الاصطناعي إلى 62% خلال 2024 مقارنة بـ31% في العام الحالي، ومع ذلك حذر «دان سوزوكي» من «ريتشارد بيرنشتاين أدفايزرز»، من أن الرهان على دفع الذكاء الاصطناعي لجميع أسهم التكنولوجيا نحو الارتفاع يحمل بعض المخاطر.