النوم آية من آيات الله، وهو معجزة تشهد على عظمة الخالق سبحانه وتعالى وتشهد على دقة صنعه وإتقانه. فالنوم عملية معقدة جدا وهي ضرورية لاستمرار الحياة، ومن دون النوم لا وجود للحياة.
ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ظاهرة النوم كمنحة من الله وهي حالة عجيبة من أحوال الإنسان والحيوان، إذ خلق الله في أعصاب وأنسجة المخ نظاما يجعل الإنسان والحيوان في حالة شبيهة بالموت، فتتوقف حركة الأعضاء الرئيسية وعندما يعود الإنسان إلى حالة اليقظة يعود إلى نشاطه وحيويته ويعود إليه الإدراك.
النوم إذا تأملت في أسراره ستجد أنه آية من آيات الله سبحانه وتعالى والآية هي فعليا معجزة، كقوله في كتابه العزيز: (ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله) سورة الروم (23). وكذلك قوله سبحانه: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) سورة الأنعام (60)، وغيرها من الآيات في القرآن الكريم.
اكتشف العلماء في ظاهرة النوم أن ملايين الخلايا في المخ تنفصل عن مقابلاتها حالة النوم وتتصل فتتماس بعضها ببعض حال اليقظة، فالحادثة شبيهة بمفصل مجمع كهربائي ذي أسلاك اتصال تعد بالملايين وكل منها يؤدي وظيفته الخاصة ليتصل بناحية من أنحاء المدينة العظيمة. النوم عملية تتم دون أن يكون للإنسان دخل فيها والسيطرة عليها، فهو في وقت معين تبدأ قواه في التناقص وتعتريه حالة من الاستعداد للنوم، ثم لابد بعد ذلك أن ينام سواء كان بالليل أو النهار.
النوم هي «موتة صغرى» وهي آية عجيبة ففيها يتوفى الله الإنسان وفاة صغرى والإنسان تتبخر حواسه وتخمد حركته وكأن الروح قد انفصلت عن الجسد بشكل مؤقت ويكون هناك تدرج من الوعي إلى اللاوعي بحيث يشعر النائم بغشاوة تغمره بانسيابية تدريجية عبر مراحل النوم. فيقول سبحانه: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) سورة الزمر (42).
كذلك اكتشف العلماء أن الإنسان إذا ظل مستيقظا لمدة 30 إلى 60 ساعة تحدث فيها تغييرات نفسية وذهنية وجسمية وعصبية، ومن الممكن أن تظهر عليه أعراض الهلوسة أو فقدان التركيز، وعدم القدرة على التذكر، وأعراض اضطراب في الشخصية من سرعة الانفعال وعدم القدرة على التحكم في بعض أفعاله الإرادية وغيرها. كما أثبت العلماء أن استرخاء الجسم في حالة النوم يساعد على تنظيم الدورة الدموية ومدها بالنشاط من جديد، ويساعد على طرد ما علق في أنحاء الجسم من مواد ضارة.
كما دلت الأبحاث على أن للإنسان نظاما للهرمونات بحيث تفرز هرمونات بالليل تساعد على النوم والاسترخاء وهرمونات بالنهار تساعد على اليقظة والنشاط. والحقيقة الأخرى التي اكتشفها العلماء أن الإنسان البالغ ينام عادة ما بين 7 و8 ساعات في اليوم ومعنى ذلك أن الإنسان الذي عاش 60 عاما يكون قد قضى ثلث عمره في النوم.
تعتبر اضطرابات وقلة النوم من أمراض العصر في وقتنا الحاضر ولها نتائج خطيرة قد تصل إلى الموت المبكر ومن أهم مضاعفات قلة النوم هي: ضعف في الجهاز المناعي، تقليل القدرات الذهنية وقلة التركيز، زيادة الوزن والسمنة، الصداع، مشاكل نفسية مثل القلق والاكتئاب، الموت المبكر. كما أظهرت الدراسات أن قلة النوم تؤثر في الدماغ فتؤدي إلى تلف طويل الأمد وزيادة الإصابة بمرض الزهايمر. كما أنها تزيد من خطر الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم، النوبات القلبية، والسكتة الدماغية.
فالنوم يعتبر من أهم النعم التي أنعم الله بها على الكائنات الحية وبالأخص الإنسان، وأنه في الواقع دليل لا يقاربه شك على وجود الله وهي آية ومعجزة ونعمة تستحق منا أن نخضع جباهنا شكرا لله سبحانه وتعالى وإجلالا له.
أليس هذا كله من آيات الله وإعجازا من إعجازاته!! فلنتفكر في هذه النعمة المنسية وليكن لكم فيها وقفات.