فكرة أن تكون إنسانا هي في الحقيقة تكمن في قدسية الإنسان نفسه، وهي الفكرة التي انطوت عليها الأديان جميعها، واتفقت عليها أيضا، فقتل إنسان واحد هو هدم لنظرية «قدسية الإنسان».
وفي المجتمعات الحديثة في الكون العالم كانت الفكرة الأولى لوضع القوانين والتشريعات تنطوي على فكرة «قدسية الإنسان»، فدمه وماله وعرضه محرم ومجرم، وعندما وضع المجتمع الدولي قوانينه كانت حقوق الإنسان ـ أي إنسان ـ حاضرة وبقوة.
أتت حرب الكيان المحتل على غزة، فضربت بـ «قدسية الإنسان» عرض الحائط، لتحول المجتمع الدولي ومنظماته إلى منظمات «كرتونية» لا حول لها ولا قوة عندما يتعلق الأمر بفقراء لا يملكون سلاحا حيويا، ولا مالا وفيرا، ولا سطوة تجعل هذه المنظمات والقوى العظمى تنظر إليهم بعين «القدسية».
قالتها أنجلينا چولي الممثلة الأميركية قبل أيام «لقد تخليت عن فكرة وجود أناس أخيار في العالم، إذ كنت أعتقد منذ بدأت العمل في المجال الإنساني أن هناك خطوطا واضحة لحقوق الإنسان، لكن علمت فيما بعد أن العالم لا يسير بهذا الشكل، وإنما بطريقة أخرى، وهي أننا سوف نعطي الحقوق والعدالة لبعض الناس دون غيرهم، إنها الحقيقة البشعة للعالم». هذه هي الحقيقة المرة التي أدركناها في هذه الحرب البشعة التي تشن، وتسفك في كل يوم المزيد من دماء أهلنا في قطاع غزة ليتضح للعالم كله أننا أمام إجرام إسرائيلي يعيث في الأرض فسادا تحت مرأى ومسمع من المجتمع الدولي.
نعود لنتساءل من جديد مرة أخرى ـ بل ألف مرة ـ ألم يرتو الظالمون بعد من دمائنا؟ ألم يكف العالم ما سفك منها؟ أم أن دماءنا أصبحت كالماء حتى يشرب منها هؤلاء كما يشاءون؟!