ليس من العدل ولا من الإنسانية، أن يتابع العالم بأسره الجرائم والانتهاكات الصهيونية التي تقام ليل نهار على أرض غزة بصمت وبسلبية منقطعة النظير، بينما الأسر تفقد منازلها بسبب القصف الجوي الإسرائيلي المتكرر، بل إن الكثير من تلك الأسر أصبحت بيوتها مقابر لجثث أفرادها التي تدفن تحت أنقاضها المتهدمة.
نعم ليس من العدل ولا الإنسانية أن يرى ويشاهد ويتابع العالم بشاعة الآلة الحربية الصهيونية وهي تحصد أجساد الأطفال والنساء والضعفاء، ولا ترحم من لا حول له ولا قوة، وتعيث في الأرض خرابا وسفكا للدماء، وتنكيلا بالأطفال.
إن وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، تعرض أولا بأول تلك المجازر والتصفيات العرقية التي يحتفل بإقامتها العدو الصهيوني، وكأنه في مسابقة دموية، يريد فيها أن يحرز الرقم الأكبر في إزهاق أرواح النفوس البريئة، وإراقة الدماء الغالية.
ومع كل تلك المشاهد التي تقشعر لها الأبدان، إلا أن دائرة الصمت تزداد اتساعا ولا نسمع أو نرى إلا القليل من الدول التي تقف في صف الحق وتنادي بمحاسبة ومحاكمة المجرمين.
لقد صمت الآذان ووضعت على الأعين غشاوة، وأمسكت الألسن عن الكلام... إذا جاء الحديث عن المأساة الإنسانية التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، وخصوصا بعض الدول الذي جلست في مقاعد المتفرجين، في حين اتخذ البعض الآخر، من الشجب والرفض والإنكار طريقا له.
بينما هناك دول عربية وأجنبية لها دور فاعل وبناء في هذه المسألة الإنسانية، من خلال توصيل المساعدات ومواد الإغاثة إلى هذا الشعب المكلوم الجريح، الذي تقام على دمائه حفلات القتل والجرائم، ونذكر هنا دور الكويت المشرف، حكومة وشعبا، وهو دور جاء من منطلق إنساني وعربي وإسلامي، ليؤكد مواقف الكويت الثابتة مع كل القضايا العربية، ووقوفها الكبير مع الأشقاء العرب في كل وقت وحين.
وكلنا شاهدنا الممرات أو الجسور الجوية التي فتحتها الكويت لإغاثة أهل غزة، وتوصيل ما قد يخفف عنهم معاناتهم، وذلك بتكاتف أهل الكويت مع حكومتهم.
وإزاء هذه الانتهاكات، فإن المطالبة بمحاكمة دولية للمدعو الـ«نتن ياهو» رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني، أصبحت ضرورة، لابد من تحقيقها، وعدم تركه كي يفلت من هذه الجرائم التي فاقت كل الأوصاف في أشكالها وأدواتها ونتائجها، والتي انتهكت الأعراف والمواثيق الدولية، وما تضمنته مواقفه المخزية في حق الإنسانية كافة، من غطرسة وإجرام.
كما أن محاكمة كل جنرالات القتل في إسرائيل، أصبحت مطلبا ملحا كي لا تفقد البشرية أمانها وأمنها، ويزحف القوي للفتك بالضعيف، لتتحول الحياة إلى ما كانت عليه في الماضي، وتتحكم قوانين الغابة في مصائر الناس.
إن حقوق الإنسان - للأسف الشديد- تنتهك في غزة، ولا أمل قريبا في أن يتوقف نزيف الدم، الذي طال الصغير والكبير، وأضر بكل شيء على أرض غزة، إلا بوقفة عالمية شجاعة في وجه إسرائيل، وإرغامها على احترام الإنسان، والحمد لله أن هناك دولا عربية وأجنبية تقف مع أهل غزة، وتطالب الصهاينة بوقف حمامات الدماء التي تقترف هناك، نتمنى أن تنجح تلك الدول في تحقيق هذا المطلب الإنساني وترغم إسرائيل على ترك جنونها وغطرستها واستهانتها بأرواح البشر.