أشرقت شمس العام الجديد على غزة وقد اقترب عدد شهدائها من 30 ألف شهيد، ثلثهم من الأطفال، وتجاوز جرحاها 65 ألف جريح، وذلك نتيجة 1800 مجزرة ارتكبها العدو الصهيوني، ونتج عن هذا العدوان تهجير ما قرابته مليوني شخص من منازلهم، ناهيك عن تدمير البنية التحتية من هدم المساجد والكنائس والمساكن والمدارس ومراكز الإيواء والمستشفيات واستهداف مئات الصحافيين والأطباء والمسعفين وتصنيف ما يحدث في غزة كجريمة حرب.
ومع استمرارية ما يحدث في غزة ومرور أكثر من 80 يوما أصاب الكثير من الناس اليأس والقنوط وقله الحيلة وفقدوا حماسهم وتفاعلهم وأصبحت مناظر الشهداء والجرحى والأطفال الملطخة وجوههم بالدماء وصور قصف المنزل مكررة، وانشغل الناس بحياتهم الروتينية وخف حماسهم وتفاعلهم وهذه طبيعة إنسانية، فعندما لا نملك قرارا في الموضوع ولا حيلة في التغيير، فمن الطبيعي أن نحاول تناسي الامر أو الهروب منه.
ولكن في غزة الحكاية لم تنته والقصة لها فصول قادمة، وربما ما نشاهده اليوم في غزة هو فصل من فصول معركة طويلة تنتهي بتحرير المسجد الأقصى وطرد الصهاينة من أرض الإسراء، لذا وجب التفاعل مع القضية وعدم توقف الدعم والمساندة ماديا وإعلاميا وجماهيريا، فالدعم مهما كان بسيطا أو محدودا له تأثيره على الساحة الدولية في تغيير المواقف السياسية الداعمة للكيان الصهيوني، كما أن التهاون في دعم أهل غزة هو تخاذل يضعف موقفهم الدولي ومطالبهم المستحقة.
في غزة الحكاية لم تنته، فالمعارك الكبيرة التي يحدث بعدها التغيير والتحول وهي معارك باهظة التكاليف فحرب فيتنام في ستينيات القرن الماضي استمرت 20 سنة وقتل فيها نصف مليون قتيل وأكثر من مليون جريح، وفي معركة طرد السوفييت من أفغانستان في الثمانينيات من القرن الماضي استشهد من المدنيين ما بين مليون ومليون ونصف، و3 ملايين جريح على مدى 9 سنوات.. والتاريخ زاخر بمعارك التغيير.. فلا الولايات المتحدة استطاعت السيطرة على فيتنام ولا الاتحاد السوفييتي استطاع الاستمرار في حربه مع المجاهدين الأفغان، وكانا أهم قوتين في العالم في ذلك الوقت.
في غزة الحكاية لم تنته.. فقتال المسلمين مع اليهود معركة طويلة بطول الحياة، فهي بدأت عند خيانتهم، وبعدها حربهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم وبعدها طردهم من المدينة، وتنتهي بنهاية الحياة وفقا للحديث النبوي «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر ورائي يهودي يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله» فلا يجب علينا التخاذل والتهاون في أي مرحلة من المراحل في قتال الصهاينة.
في غزة الحكاية لم تنته، فهي ليست حكاية غزة أو الضفة الغربية بل حكاية المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين، خاصة أن المشروع الصهيوني في تهويده ومحاولة هدمه بدعوى البحث عن هيكل سليمان اشتدت وتيرته خلال فترة حكم الاحزاب اليمينية المتطرفة وكثرت انتهاكاته في هذه الفترة، ولم يكن طوفان الأقصى وقبلها معركة سيف القدس إلا معارك من أهم أهدافها حماية المسجد الأقصى ووقف العبث في حرمه.
في غزة الحكاية لم تنته.. لأنها واجب ديني وشرعي نحاسب عليه يوم القيامة، وواجب إنساني التخاذل فيه يخالف إنسانيتنا وكرامتنا، وواجب قومي فنحن نشترك مع غزة باللغة والانتماء والقومية والتاريخ وهم جزء من جسد الأمة العربية.
ما يحدث في غزة اليوم يوجب علينا تحفيز الأنفس واستشعار حجم المعركة مع اليهود، وأن هذه المعركة مختلفة فلقد ظهرت بشاراتها بالتحرك العالمي والتعاطف مع أهل غزة.. فيجب ان نستمر.