هناك من الناس من يميل إلى تعليق أي مشاكل تواجهه على الغير، وإذا كان الخلل في التركيبة السكانية يؤثر على الخدمات وازدحام الشوارع ويتسبب بمشاكل في عدد من القطاعات، فإن الأمر يحتاج إلى تعامل بالحكمة لحل مشكلة ازدياد أعداد الوافدين عن الحدود المعقولة، ما يهدد السلم الاجتماعي ويؤثر على مرافقنا وقدرتها على تقديم الخدمات لأهل الكويت، وليس الحل كما يزعم البعض هو غياب الوافدين عن المشهد.
تخيلوا معي الكويت بلا وافدين كما يريد البعض، عندئذ سنجد أكوام القمامة في شوارعنا لأن هذا العمل لا يقوم به إلا وافدون.
هذا هو الواقع مع ان العمل شرف ويجب عدم الاستهانة بالعمل مهما كان صغيرا، فقيمة العمل لم ترسخ في ثقافة أبنائنا كما كانت عند آبائنا.
ان حاجتنا لعمالة أجنبية أمر ضروري لا مفر منه لكن وفق ضوابط ونظم تتفق مع متطلبات المجتمع واحتياجات الدولة، فنحن لن نستطيع الاستغناء عن العمالة الوافدة وبخاصة المنتجة من فنيين ومهندسين ومعلمين وأطباء الى آخره، ويبقى العمل اليدوي مرهونا بتغيير نظرة المجتمع له والقائمين عليه.
نعم نعاني من ازدياد أعداد الوافدين ولكن رب ضارة نافعة فهم يبنون ويعملون ويسكنون وكل أنشطتهم الحياتية مرتبطة باقتصاد الكويت، فلا تحملوا التركيبة السكانية أوزارنا ولا تخفوا رؤوسكم في الرمال، فنحن نحتاج إلى مزيد من التخطيط وبرامج التنمية لمعالجة النمو السكاني في الكويت.
مشاكلنا واضحة وضوح الشمس وحلولها معروفة للصغير والكبير، ومن أهم حلول مشكلة خلل التركيبة السكانية الحزم في مسألة جلب العمالة، فلا يتم استقدام إلا من تحتاج إليهم الكويت ويكون الهدف مصلحة الوطن لا أي أهداف شخصية أخرى تتعارض مع هذا الهدف.
كذلك نحتاج إلى الاستثمار في الطاقات البشرية الوطنية وقبول العمل اليدوي، فقيمة الإنسان فيما يحسنه. فإذا كانت نسبة الكويتيين العاملين في سوق العمل ما يقارب 18% و94% تقريبا يعملون في القطاع الحكومي، وأكثره دون انتاج حقيقي، فإن ذلك يزيد العبء على الدولة ويجعلنا جميعا أسرى للعمالة الوافدة، فكيف نتخلص من هذه العمالة وهي صلب وأساس العمل في الكويت؟!
أيضا العمالة المنزلية الهامشية العاملة في الكويت من خدم وسائقين عددهم يقارب المليون، كما أن العمالة الوافدة خاصة الآسيوية تكاد تكون سيطرت على قطاعات البناء والزراعة وخلق ذلك الكثير من الآثار السلبية على اقتصادنا وعلى المجتمع بأسره ولها مردودات سلبية، فهذا يشكل الهاجس الأمني والاجتماعي وكثرة استهلاك المرافق العامة وتقديم خدمات مكلفة قد تكون بلا مقابل او بمقابل يقل كثيرا عن التكلفة.
لا بد من وقف استقدام الجنسيات المتضخمة وتوجه استخدام العمالة من الداخل بدلا من جلبها من الخارج، ومنع العزاب من السكن في الأماكن التي تقطنها العائلات، واستمرار حملات إبعاد المخالفين لقانون الإقامة. إن أكثر الدول المتقدمة المتحضرة لا يتجاوز عدد العمالة الوافدة لديها تقريبا 15% بينما في الكويت فاقت 70%، فلا بد من تعديل التركيبة السكانية بالتدرج حتى يمكننا ان نحقق التوازن المطلوب في نسبة الوافدين والمواطنين، ولا بد من وضع خطة إستراتيجية لعلاج هذه المشاكل مع السرعة في حلها.
اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه اللهم آمين.
[email protected]