نسعى الى تطوير التعليم ونعقد المؤتمرات والندوات ونغير المناهج بين حين وآخر، ولكن نحتاج كذلك للالتفات إلى أسلوب التدريس الذي يعتمد على التلقين منذ أمد طويل.
فمثل هذه الظاهرة تتفاقم وتتعقد عندما يصل أسلوب التلقين إلى التعليم العالي ويصبح عادة يومية بالرغم من وجود التكنولوجيا التي يمكن استثمارها في التعليم.
إذا ما طبق الأستاذ الأكاديمي أسلوب الاعتماد على كتاب واحد للمقرر، ثم يفتح الكتاب ويقرأ، ومع التكرار حفظ هذا الأستاذ المحتوى، وأصبح يردده في الفصل حتى ينتهي وقت المحاضرة.
ويبقى السؤال في هذه الحال: هل استفاد الطالب الجامعي من المعلومات التي عرضها الأستاذ الأكاديمي عليه، وهل كان الطالب يقظا متفاعلا مركزا معه في كل كلمة؟
حتما لا، ذلك لأن أسلوب التلقين يجعل من الأستاذ الأكاديمي أداة للإرسال ويجعل الطالب أداة للاستقبال، ولكن الاستقبال يتفاوت من طالب الى آخر.
بعضهم يفضل الجلوس في المقاعد الخلفية ليشغل وقته مع هاتفه النقال وكتابة الرسائل والرد عليها، فالطالب في واد وأستاذه في واد آخر.
وبعضهم يسرح في حياته فيكون متواجدا بجسده وعقله وذهنه شارد.
وبعضهم يشعر بالنعاس من كثرة الإرسال (التلقين).
وبعضهم ينظر للساعة بين حين وآخر فالوقت بالنسبة له واقف متجمد لا يمر ولا يتحرك من شدة الملل.
جيل العولمة: للتعامل مع الأجيال الجديدة، من الأجدر على الأستاذ الأكاديمي أن يبتعد عن كتاب واحد للمقرر وأن يتعامل مع مفردات المنهج حسب الزمان.
فهذا الجيل جيل عولمة وحبذا استثمار كل أو بعض وسائل هذه العولمة والتكنولوجيا لتوصيل المعلومة.
لماذا لا يسجل الأستاذ الأكاديمي منهجه عبر مقاطع وينشرها في شبكة اليوتيوب مجانا لتعم الفائدة أركان المجتمع؟
لماذا لا يعقد الأستاذ الأكاديمي دورات تدريبية عبر بث مباشر مجاني يركز فيها على نقاط الضعف عند الطالب ويعالجها؟
لماذا لا يعتمد التعليم العالي علي محاضرة واحدة كل أسبوعين؟
هنا سنصقل شخصية الطالب وسنزوده بعدد من التكاليف والأبحاث التي سينشغل بها مدة أسبوعين ثم يحضر المحاضرة للنقاش وإبداء الرأي.
العلم بات سهلا من خلال كبسة زر، وحبذا لو استثمرنا طاقات الطلبة لصناعة الباحثين المبدعين الذين يدركون قيمة البحث العلمي ويتعرفون على عناصره وأركانه وقوانينه وتحقيق أساليبه بكل دقة وبكل أمانة.
اليوم لا بد أن نقول وداعا لأسلوب التلقين، وأهلا بالبحث والتدقيق.