ذكر تقرير الشال الأسبوعي، أن الكويت خطت خطوة أولى صحيحة بتسمية رئيس لمجلس الوزراء وفقا لمعيار الكفاءة، والكويت حالة ديموقراطية خاصة وغير مكتملة تملك فيها الحكومة سلطة تمنحها دورا مهيمنا لا يتوافر لأي حكومة ديموقراطية في العالم.
وأشار التقرير إلى أن حكومة الكويت هي الحكومة الوحيدة الثابتة مهما كانت نتائج الانتخابات النيابية العامة، فالأحزاب العلنية غير مجازة، ولا تشكل الأغلبية حكومة، سواء كانت أغلبية مطلقة أو متألفة، ويقتصر دور البرلمان على منح الثقة فيها.
وتابع: «لأن الاقتصاد أحادي مصدر الدخل، ومصدر الدخل سيادي، ولأن الحكومة ثابتة، فهي تكتسب موقع هيمنة على إيرادات الدولة، وذلك يمنحها قوة المال وامتياز التوظيف إلى جانب الأمن، ما يجعلها دائما في موقع تفاوضي لا يقارن بجناح السلطة التشريعية والتي يمثل، في الغالب الأعم، كل فرد فيها نفسه».
ولفت التقرير إلى أنه بحكم الدستور، فإن كل عضو في مجلس الوزراء هو عضو معين في مجلس الأمة إضافة إلى الوزراء النواب، لذلك تصبح الحكومة بمجرد تشكيلها أكبر كتلة نيابية، أو نحو ربع أعضاء المجلس.
وقال «الشال» إن تلك القوة الاستثنائية استخدمت في معظم حقب أداء الحكومات المتعاقبة بشكل خاطئ أدى إلى هدر موارد البلد من دون إنجاز يذكر، لأن معايير بناء الحكومات وما تحت سلطتها اعتمد مبدأ شراء الولاء على حساب الأداء والكفاءة، والخطوات القادمة لمشروع الحكومة الجديدة في تقديرنا هي ما يمنح أو يمنع الأمل في بناء مختلف وجديد للبلد.
وذكر أن أولى الخطوات الداعمة لاتساع مساحة التفاؤل، وهي أهمها وأقربها للتحقق، هي اعتماد نفس مبدأ تسمية رئيس الوزراء في بناء مؤسسة وفريق مجلس الوزراء (الحكومة)، فإن تم بناء فريق متكامل تتقدم معايير اختياره الكفاءة وتجمعه رؤية مشتركة للإنقاذ وبناء بلد، كل ما عدا ذلك تسهل مواجهته.
وتابع: «صحيح أن طريقه سوف يكون وعرا نتيجة حجم الدمار الذي طال البلد، ولكنها معركة مستحقة في بلد ما زال يملك ما يكفي من موارد بشرية ومادية لتحقيق استدارة نجاح، وربما التفوق».
وأضاف «الشال» أن ثاني الخطوات، هي اعتماد مبدأ الاستدامة أولوية قصوى، استدامة الاقتصاد، واستدامة المالية العامة، واستدامة ميزان العمالة المواطنة، والثلاثة حاليا بلغت مرحلة الخطر الشديد، والحديث بات ليس حول حتمية فقدان توازنهم إن استمر الأمر على ما هو عليه، وإنما حول توقيته.
وقال إن خلل الاقتصاد جعل من الكويت البلد الوحيد في العالم الذي يولد فيه قطاع عام باهظ التكلفة وضعيف الإنتاجية نحو 70% من ناتجه المحلي الإجمالي، وأكثر من نصفه يولده قطاع النفط من دون جهد يذكر، وذلك الخلل هو ما يهدد كلا من ميزان المالية العامة وميزان العمالة.
والثاني هو ميزان المالية العامة التي تضاعفت نفقاتها 6.5 أضعاف منذ عام 2000، بينما انحدرت إنتاجيتها إذا ما قيست بقيم ونوعية الخدمات التي تمولها مثل التعليم والصحة والبنى التحتية.
وميزان العمالة المواطنة وهو متغير تابع بشكل شبه كامل لميزاني الإنتاج والمالية العامة، ومصيره في اتساع خلله هو نفس مصيرهما، والقطاع العام يوظف 84% من المواطنين ويدعم ما عداهم، وبلغ معدل البطالة السافرة حاليا 5.8% إضافة إلى أكثر من 50% بطالة مقنعة، ولم تعد البلد ماليا ولا حتى سعة مكانية قادرة على استقبال 25 ألف مواطن قادم كل سنة إلى سوق العمل، والأرقام إلى تزايد.
والخطوة الثالثة هي إعادة بناء قيم رأسمال البلد البشري، بدءا من التعليم العام والعالي المتخلفين سنوات عن مستويات التعليم التقليدي في عالم باتت تسوده ثورة تعليمية جديدة، إضافة إلى الانتشار للشهادات المزورة. مرورا بقيم المواطنة في زمن أصبحت فيه الغلبة لاقتسام ثروة البلد وليس لتنميتها، ولما يأخذه المواطن دون إشارة إلى ما يمنحه لبلده.
ولإعادة الهيبة للقانون ومنظومة القيم الإيجابية، لا بد من حرب على الفساد تبدأ من أعلى السلم، لأنها أقصر وأنجع رسالة للحماية الاستباقية من تلك الآفة، إضافة إلى ما تمنحه من دفعة قوية لصدقية الإدارة الجديدة ما يسهل عليها طريقها لتبني سياسات وقرارات لإصلاح حقيقي، بعضها غير شعبوي.
وفي الختام، قال «الشال» إن ما ذكرناه هو اجتهاد، مبرره هو الخوف من إخفاق جديد للإدارة العامة قد لا تحتمله الكويت، غرضه البناء على حالة التفاؤل التي سادت مع أول خطوة صحيحة في تشكيل الجناح التنفيذي لتلك الإدارة العامة التي تمتلك معظم مفاتيح النجاح.