قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن معظم أسواق الأسهم العالمية أنهت تداولات 2023 بتسجيل مكاسب كبيرة في ظل تخطي المستثمرين سلسلة الصعوبات الناجمة عن الرياح المعاكسة المختلفة والتي تراوحت بين ارتفاع معدلات التضخم، وتشديد السياسات النقدية للبنوك المركزية، واحتماليه الركود.
وكانت العوامل الجيوسياسية السلبية وتقلبات أسواق النفط من المخاطر الإضافية التي تعرضت لها الأسواق، وجاء أداء الأسواق الناشئة وأسواق دول مجلس التعاون الخليجي أقل من نظيراتها في الأسواق المتقدمة، في ظل استمرار ضعف الأوضاع الاقتصادية في الصين وانخفاض أسعار النفط وتباطئ آفاق النمو.
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من التوقعات بتسجيل الأسهم أداء جيد في 2024 نظرا لانحسار الرياح المعاكسة، إلا أن توقعات النمو غير الواضحة وتزايد عدم اليقين الجيوسياسي تبقى من أبرز المخاطر الرئيسية التي تهدد النمو، فيما يعتبر انخفاض عائدات السندات والفائدة، واستمرار مرونة الاقتصاد وقوة الأرباح، من أبرز العوامل المعززة لنمو الأسهم في 2024.
وقد تشهد الأسواق موجة جديدة من الارتفاع هذا العام في ظل رهانات المستثمرين على تحول مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتبني سياسات تيسيرية في وقت أقرب من المتوقع، وهو الأمر الذي سيعتمد بدوره على تراجع معدلات التضخم بوتيرة مستدامة نحو المستوى المستهدف الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 2%.
وأخيرا، فإن تحول مسار سياسات الاحتياطي الفيدرالي مصحوبة باستمرار المرونة الاقتصادية، بدلا من الاستجابة للانكماش، سيكون في رأينا من العوامل الجوهرية لتعزيز ثقة السوق وزيادة زخمه على المدى الطويل.
وبمعنى آخر، فإن التيسير الكمي بالتزامن مع الهبوط الناعم للاقتصاد سيوفر الظروف المثالية التي من شأنها أن تعزز الاتجاه الصعودي لسوق الأسهم. وفي الوقت ذاته، فإن إمكانية اتخاذ أسهم الأسواق الناشئة التي تتسم بأداء ضعيف لاتجاهات تصاعدية، خاصة إذا اقترنت بمؤشرات دالة على تعافي الاقتصاد الصيني، قد تدعم أسهم الأسواق الناشئة رغم أن ثقة المستثمرين مازالت ضعيفة في الاقتصاد المثقل بالمخاطر.
تفوق الأسهم الأميركية
جاءت المؤشرات الأميركية في مركز الصدارة بتسجيلها أعلى مكاسب على مستوى الأسهم العالمية بدعم من تزايد معنويات التفاؤل تجاه قدرة الاقتصاد على تجاوز سياسات التشديد النقدي واحتمالات الركود.
وأدى ارتفاع أسهم التكنولوجيا في النصف الأول من عام 2023 لنمو المؤشرات ذات الصلة بالقطاع مثل مؤشر ناسداك المركب (بنمو نسبته +43% في عام 2023 بأكمله) ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 (24%) مقارنة بالمؤشرات الأقل شمولا مثل مؤشر راسل 2000 (15%) ومؤشر داو جونز (14%).
إلا أنه بصفة عامة، اكتسب السوق زخما في وقت لاحق في الربع الرابع من 2023، إذ أدى انخفاض معدلات التضخم وتحسن أرباح الشركات خلافا للتوقعات التي ظهرت في وقت سابق لتحسين معنويات التفاؤل في السوق.
وجاء المزيد من الدعم من تزايد مبيعات موسم العطلات التي جاءت أفضل من المتوقع مما يعكس قوة القطاع الاستهلاكي. وارتفع مؤشر يورو ستوكس 50 بنسبة 19% على أساس سنوي على خلفية استفادة الأسواق الأوروبية من معنويات تفاؤل مماثلة، إلا أن أداء مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة كان ضعيفا، إذ ارتفع نسبيا بنسبة 7%.
الأسهم الخليجية
وذكر تقرير «الوطني»، أن أداء أسواق دول مجلس التعاون الخليجي جاء متباينا، إلا انه كان إيجابيا في الغالب (مؤشر مورغان ستانلي الخليجي نما بنسبة +3.1% على أساس سنوي) في ظل تسجيل دبي (22%) والسعودية (13.5%) لمكاسب قوية، وهو الأمر الذي قابله تراجع عدد من الأسواق من ضمنها عمان (-7.4%) والكويت (-6.5%)، وأبوظبي (-6.2%).
وواصلت كل من دبي والسعودية الاستفادة من قوة نشاط الاقتصاد غير النفطي بفضل الإصلاحات المواتية للأعمال التي تهدف إلى تنمية القطاع الخاص، والتي تضمنت حملة خصخصة كبيرة، هذا إلى جانب عدد غير مسبوق من الاكتتابات العامة الأولية على مدار عامين متتاليين.
ومن المتوقع أن يستمر نشاط قطاع الشركات القوي في عام 2024، إذ يتنافس السوقان الرئيسيان في المنطقة على رأس المال الأجنبي، هذا إلى جانب مرورهما بتحول اقتصادي، فيما ساهم انخفاض أسعار النفط والإنتاج وضعف أوضاع المالية العامة، وتباطؤ النمو، وارتفاع الفائدة، وغياب المحفزات، في تراجع النشاط الاقتصادي بالأسواق الإقليمية الأخرى.