عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة، ليتنا نكون ممن يتعاملون مع الأشياء وكأنها زجاج خالص وأن نكون حذرين في التعامل، فهل خطر ببال أحدكم لماذا نعمل ذلك مع الزجاج؟ ولماذا أتمنى أن نتعامل مع الأشياء بهذه الطريقة؟
الجواب اننا نعامل الزجاج برفق حتى لا ينكسر، وليتنا ممن يعرفون الرفق في تعاملاتهم كلها، بل في كل أمور الحياة، فالرفق خلق جميل، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع الرفق من شيء إلا شانه» (رواه مسلم).
ان المرور بمشاعر الإجهاد النفسي التي يصاحبها توتر وقلق وحزن يأكل في القلب، فيصبح الشخص أكثر عرضة للإصابة بـ «متلازمة القلب المنكسر» التي تحدث عند تعرضه لإجهاد نفسي أو عاطفي أو جسدي، فهذه المشاعر السلبية تنتج من انتزاع الرفق من حياتنا حتى على أنفسنا فتزيد فرص حدوث مشاكل في عضلة القلب أو ضعف في البطين الأيسر للقلب.
فالانفعالات الشديدة تزيد هرمون التوتر (الأدرينالين) الذي يدمر القلب، فتتعطل وظيفة الضخ للقلب مؤقتا وتضعف عضلة القلب، ومن أهم أعراضه ألم في الصدر، ضيق التنفس، وأحيانا عدم انتظام ضربات القلب، وحدوث إغماء، التعرق الشديد، وفي بعض الأحيان قد تؤدي للإصابة بصدمة أو سكتة قلبية، حيث لا يتمكن القلب من ضخ ما يكفي من الدم لتلبية احتياجات الجسم وقد تكون سببا للوفاة.
ولذلك تعددت آيات الصبر في القرآن الكريم وعن عون الله للصابرين على الشدة والقلق والحزن مثل قوله تعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ـ البقرة: 45)، وكذلك قوله تعالى (واصبروا إن الله مع الصابرين ـ الأنفال 46)، وأيضا قوله تعالى (إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير ـ هود 11).
أعزائي.. علينا الترفق في كل شيء، ومع كل شيء، فإذا ما اتصف الإنسان بالرفق وتعامل مع الناس بالإحسان جمعت له الخيرات كلها. فالرفق عند البشر مفتاح كل خير وبه تستطيع إقناع غيرك، بل تسرق القلوب وتستميل نفوسهم المستعصية إلى نفوس تواقة تحب الحق وتركن إليه، فقد قال تعالى (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ـ آل عمران: 159).
عليكم بالرفق قولا وعملا، فرفق القول يجنبك الإساءة للآخرين، فلا تجرح لهم شعورا، ولا تخدش لهم حياء، بل سيلقون منك المودة والرحمة لأنك كنت بهم ومعهم رفيقا. كذلك رفق العمل يجنبك كسر أدواتك ويجنبك الإضرار بنفسك، فالرفق كله خير.
فيا أحبتي لا للخشونة ونعم لليونة، لا للفظاظة ونعم للرحمة واللين، نعم لاستمالة الخلق والتودد و«رفقا بالقلوب».