من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية.
ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.
وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.
أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية، مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر ديسمبر 2023، وذلك بالتعاون مع «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس» للسيارات، حيث سجل مؤشر آراء العام مع نهاية 2023 أعلى مستوى له منذ 14 شهرا محققا 113 نقطة.
وبالإضافة لذلك ارتفعت كل المؤشرات بنسب عالية لاسيما مؤشر الشراء ومؤشر فرص العمل ومؤشرات الثقة بالمستقبل، بينما حافظ مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي على مستواه الشهري السابق، إذا أضاف مؤشر آراء العام 9 نقاط في شهر ديسمبر وبارتفاع سنوي بلغ 11 نقطة عن إغلاق سنة 2022.
وهذه القفزة بثقة جميع المستهلكين والتي شملت الكويتيين بارتفاع ملحوظ بلغ 12 نقطة في شهر واحد والمقيمين العرب بارتفاع 6 نقاط، تأتي مغايرة للحالة العامة في المنطقة على الصعيدين الدولي والجيوسياسي، لاسيما منها الحرب على غزة، والتوترات المتصاعدة في البحر الأحمر وتخفيض حاد في نشاط قناة السويس وما يعكس ذلك من مخاطر إقليمية.
ولا شك أن هناك حالة من الثقة والتفاؤل بالاستقرار السياسي في البلاد، لاسيما بعد تولي صاحب السمو الأمير مشعل الأحمد مقاليد الحكم، حيث أثر ذلك إيجابا بثقة المواطنين خاصة والمقيمين عامة رافعا من درجة اطمئنانهم بالرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة ورفع من ثقة المستهلكين بمستقبل الكويت.
وسجل مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع أعلى مستوى له على الإطلاق محققا 123 نقطة بارتفاع 11 نقطة عن شهر نوفمبر، وبزيادة 15 نقطة عن إغلاق سنة 2022. الارتفاع الكبير في مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع كان بين المواطنين، اذ بلغ 123 نقطة مرتفعا 20 نقطة عن شهر نوفمبر مقارنة بارتفاع 3 نقاط فقط لدى المقيمين العرب.
واللافت أن 25 مكونا ديموغرافيا من مكونات البحث الـ 27 عبروا عن تحسن ثقتهم بمستقبل الوضع الاقتصادي، مؤكدين بذلك انتشار الثقة بالأوضاع المستقبلية بنسب غير مسبوقة، ارتفع مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع بين سكان جميع المحافظات، أعلاها الجهراء بزيادة 18 نقطة، وأقلها محافظة الفروانية بإضافة 4 نقاط على رصيدها عن الشهر السابق.
ولم يغب مؤشر الدخل الفردي المتوقع عن الثقة الإيجابية فسجل 115 نقطة مع نهاية العام بإضافة 8 نقاط خلال شهر، وبارتفاع سنوي بلغ 10 نقاط، ومن النادر أن تمنح كل المكونات الديموغرافية ثقتها ونقاطا إيجابية لمؤشر ما. هذه الظاهرة تؤكد وجود عوامل نمو وانتعاش دعمت مؤشر الثقة بالدخل الفردي المتوقع.
تجدر الإشارة إلى أن نهاية السنة تشكل مناسبة لتقديم محفزات و/أو تقديمات مالية للعاملين وترفع مستوى رواتبهم وأجورهم ولو بنسب متفاوتة. كما ساهمت توقعات رفع الرواتب في القطاع الحكومي في أوائل السنة المقبلة، واتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة لتشمل زيادة الأجور للعاملين في القطاع الخاص ولو بنسب متفاوتة.
الحكومة تسعى إلى معالجة البطالة
وارتفع مؤشر فرص العمل المتوافرة حاليا 20 نقطة في شهر ديسمبر مسجلا 134 نقطة أي أعلى بـ 9 نقاط عن إغلاق سنة 2022، وقد أتى الارتفاع الأكبر بين المقيمين العرب مرتفعا 26 نقطة مقارنة بارتفاع 16 نقطة بين المواطنين، وبين الجامعيين (زيادة 26 نقطة) وبين ذوي الشهادة المتوسطة وما دون (زيادة 73 نقطة) خلال شهر.
وقد يكون انتعاش القطاع العقاري أحد أسباب هذا الارتفاع، وتعمل الحكومات المتعاقبة بعدة اتجاهات، منها: تخفيض نسبة البطالة بين المواطنين، ومعالجة تقلص عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص الذي انخفض الى 52 ألفا، ورفع عدد المواطنين العاملين في القطاع الحكومي وتخفيض العمال الوافدين، ومتابعة تشجيع إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
مؤشر الشراء بأعلى مستوياته
وارتفع مؤشر آراء لشراء السلع المعمرة الى أعلى مستوياته منذ شهر سبتمبر 2022 مسجلا 116 نقطة بزيادة 20 نقطة في شهر ديسمبر ومغلقا العام بارتفاع 12 نقطة خلال سنة، وشمل الارتفاع معظم الشرائح، وخاصة في أوساط الشباب 18- 35 سنة (زيادة 20 نقطة)، وبين المواطنين (زيادة 23 نقطة)، والمقيمين العرب (زيادة 17 نقطة).
وطال التحسن كل المحافظات باستثناء محافظة مبارك الكبير التي تراجع مؤشرها 32 نقطة في ديسمبر، بينما رفعت محافظة الجهراء مؤشرها 51 نقطة وبقية المحافظات بين 23 نقطة و6 نقاط، لا شك ان نهاية السنة عادة ما تكون مناسبة لتجديد المقتنيات وتشجع على الإنفاق، غير أن هذه القفزة في نية الشراء لازمت الفترة ما بعد جائحة كورونا، ومثال على ذلك:
1- بلغت ديون بطاقات الائتمان في الكويت نحو 3 مليارات دينار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 بزيادة 17.6%.
2- ارتفع إنفاق الكويتيين على السفر بنسبة 12% خلال 2023 اذ بلغ نحو 3.53 مليارات دينار خلال تسعة أشهر من السنة.
الثقة في الدخل الفردي تتثبت
وارتفع مؤشر الدخل الفردي الحالي 11 نقطة في ديسمبر مسجلا 102 نقطة مع نهاية العام أي بزيادة 15 نقطة عن إغلاق سنة 2022.
اللافت ارتفاع معدلات الدخل في كل المحافظات بين 20 نقطة كحد أقصى و7 نقاط كحد أدنى، فيما عدا محافظة مبارك الكبير الذي انخفض مؤشر الدخل الفردي فيها انخفاضا حادا بلغ 48 نقطة خلال شهر، وكذلك انخفض بين ذوي الدخل الجيد (بين 1850 و2249 دينارا) ليسجل مؤشر الدخل الفردي 42 نقطة بخسارة غير مسبوقة بلغت 49 نقطة خلال شهر.
مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي يبقى على مستواه
وانفرد مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي عن باقي المؤشرات باستقراره عند 102 نقطة في نهاية ديسمبر، من دون زيادة او نقصان مغلقا السنة بزيادة 8 نقاط عن إغلاق 2022.
بالرغم من المناخات السلبية الخارجية في المنطقة الملتهبة حافظ مؤشر الوضع الاقتصادي على مستواه الجيد معززا بعدة أسباب، منها تأرجح أسعار النفط ضمن هوامش مرتفعة، حفاظ البنك المركزي الكويتي على ثبات مستوى الفوائد، وضبط مستوى التضخم النقدي عند نحو 3.6% ما ساهم في انتعاش القطاعات الاقتصادية، لاسيما منها القطاع العقاري الذي يؤثر إيجابا على حركة مجموعة من القطاعات الأخرى.