أوصى الله تعالى بالأبوين خيرا، فأمر بالإحسان إليهما، وأوجب لهما على أبنائهما حقوقا عظيمة، معنوية كحبهما وتوقيرهما، وحسن القول معهما، والتلطف في مخاطبتهما، وعدم التأفف منهما، كما اوجب لهما حقوقا مادية كالنفقة عليهما بالمعروف، على الابن الموسر.
قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً).
وقال: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً).
وورد في الأحاديث أن لهم حقا ثابتا في اموال أبنائهم وإن حصولهم على هذا الحق وتمكينهم منه، واجب مادي على الابناء وجعل ذلك لهم بمنزلة الكسب الحلال الذي لا ينازعون في اخذه، ولا فضل ولا منة لأحد فيه، لكن بشرط حاجتهم له.
عن جابر بن عبدالله أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن ابي يريد ان يجتاح مالي فقال صلى الله عليه وسلم «أنت ومالك لأبيك» ولا فرق بين الأب والأم في أن لكل منهما الحق في أن يأخذ من مال ولده إذا احتاج.
وقال صلى الله عليه وسلم «إن أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها»، والحديث مقيد بمقدار الحاجة فقط، وعلى ظاهره وإطلاقه لاستحق الأب مال ولده كله بعد وفاته لا يشاركه فيه غيره من الورثة، ولكانت عليه زكاته في حياته، ان قصر في ادائها الولد، وليس الامر كذلك، قال ابن قدامة: وللأب ان يأخذ من مال ولده ما شاء مع غناه وحاجته بشرطين: أحدهما: الا يجحف بالابن ولا يأخذ ما تعلقت به حاجته، والثاني: الا يأخذ من مال احد ولديه فيعطيه للآخر لأن تفضيل احد الولدين غير جائز فمع تخصيص الآخر بالأخذ منه أولى، فإذا وجد الشرطان جاز الأخذ، فليتق الله الآباء فيما اخذوا وما تركوا ولا يتجاوزون حدود ما أباحه الله تعالى لهم، ولابد من الابتعاد عن الاسراف والتبذير او صرف الاموال فيما لا يحل.