مقاصف مدارسنا في هذه الأيام تتطلب وقفة حتى نحافظ على تحقيق الأهداف منها بأفضل صورة، وذلك لأنها تؤثر في صحة أطفالنا، وكذلك لما لها من آثار على سلوكياتهم، ومدخراتهم.
ومن المهم القول هنا إن الدول المتقدمة تتخذ نهجا متشددا حيال هذه المنافذ البيعية، كونها تمثل ـ إلى حد ما ـ نقطة تثقيفية للطالب بنمط حياة صحي، ولمواكبة هذا التوجه فإن على مقاصفنا أن تتبع أسلوبا علميا في اختيار الأغذية الصحية حتى تنتقي مفردات غنية غذائيا تعزز صحة أبنائنا الطلبة، وفي الوقت نفسه يجب البعد عن أي أطعمة رديئة تستهوي الأطفال وتصيبهم بالهوس والإدمان، من الساندويتشات والسناك والعصائر المحلاة والمعلبات مرورا بألواح الشوكولاتة ورقائق البطاطس والحلوى، وكل ما هو ملغم بالسعرات الحرارية والدهون الضارة والسكريات والأملاح وبعض المكونات المسرطنة.
إحدى دول الغرب تنبهت لهذا الخطر بعد أن رأت في المقاصف المدرسية اختراقا لبرامجها الصحية، ففرضت عليها حظرا دام 10 سنوات، ولم ترفعه إلا بعد فرض قوائم من الأغذية مشترطة وجود نسبة 60% من الخضراوات والسلطات والحبوب الكاملة، ومنعت الملونات والمعلبات والسكريات ورقائق البطاطس والمشروبات الغازية والمحلاة، ثم تقصت آثار الحظر والسياسات الجديدة المفروضة، فوجدت أن الأطفال تأقلموا على قوائم الأطعمة المتاحة والجديدة ذوات الوفرة بالقيمة الغذائية وأصبحت نقطة تحول لتوعيتهم بالنمط الصحيح في الحياة والغذاء.
لا يمكن لأحد أن ينكر ما تعلمناه صغارا من أن العقل السليم في الجسم السليم، فخبراء التغذية وعلماء النفس يؤكدون أن ما يتناوله الأطفال في المدارس من أغذية سيئة لا يؤثر على صحتهم البدنية فحسب، بل يؤثر أيضا على نموهم العقلي ومزاجهم وقدرتهم على التعلم، وأن العادات التي يتم بناؤها بسن مبكرة تصبح أسلوب حياة لما بعد مرحلة البلوغ.
اليوم نناشد المعنيين بهذا الأمر وضع حد لما يعرض في المقاصف قبل أن نصل إلى قمة الهرم في معدلات السمنة وأمراض القلب والكسل والخمول والاكتئاب ومشاكل الذاكرة.
ما نأمله منكم اعتماد معايير علمية لتغذية أبنائنا الطلبة، وأن تصاغ قوائم طعام رسمية موحدة تعلق في كل مقصف مدرسي، ومن يخالفها تطبق عليه عقوبات رادعة وتسحب رخصته، وأن يوضع في الاعتبار تضمين الحبوب الكاملة والمكسرات والزبادي وسلطات الخضار والفاكهة والعصائر الطازجة، ومنع المشروبات الغازية والعصائر المحلاة والحلوى والبسكويتات، والمقليات والمعجنات.
ولا أغفل أهمية الرقابة المشددة ومتابعة إدارة المدرسة التي لا تقل أهمية عن جولات المفتشين، للتأكد من التزام المقاصف بنوعية الأطعمة وأسعارها ومنعهم من ممارسة نوع من أبشع أنواع الاحتكار.
في الختام: كوب ورقي من شوربة العدس المحضرة بعناية كل يوم من قبل شركات معتمدة من التربية سيكون له مفعول السحر في سد جوع أبنائنا الطلبة وإشباعهم بجملة من الفيتامينات والمكونات الرائعة لضمان تحصيل دراسي أفضل وتعويدهم على الأفضل لصحتهم.. حبذا لو عدنا في ذلك لسبعينيات القرن الماضي حيث المطابخ المركزية لوزارة التربية هي المعني الأول بهذا الأمر.
كلمة أخيرة: الإخـــوة في اتحاد الجمعيـــات والقائمين على التعاونيات: ألا تـــتفقون معي أن المقصف يفـــترض أن يكون مكانا لتقـــديم خدمـــة وليس للتربـــح المبالغ فيه على ظهور الأطفــال وأولياء أمورهم؟ أليس من الأجدى أن تأخذوا بزمام المبادرة لدعم المقاصف من بند المعونة الاجتماعية ليكون سعر البيع رمزيا أو أقل من التكلفة، فيعم الخير جميع أهالي المنطقة، بدل أن يقتصر على قلة من المساهمين في رحلات الشاليهات والعمرة؟ فيا مرحى لأول جمعية تعاونية تحوز السبق في هذا الميدان.
أبنـــاء الكويت أمانة في أعناقنا جميعا، ينبغي أن نحافظ عليها ونصونها من كل ما يؤذيها بالأذى أو يتربح على حساب صحتها وقوتها وسلامتها.. والله الموفق.
[email protected]