بيروت ـ اتحاد درويش
رأى أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية البروفيسور جاسم عجاقة أن الحرب الإسرائيلية على غزة سيكون لها تأثير كبير على الاقتصاد العالمي وعلى أسواق المال العالمية، وقد ينجم عنها التضخم الذي سوف يقوض السياسات النقدية للمصارف المركزية العالمية خصوصا الأميركية منها والأوروبية اللتين كانتا تطمحان الى تخفيض الفوائد من أجل تحفيز الاقتصاد، إنما اليوم وبسبب ضرب سلسلة الإمداد وضرب الصادرات وتأثيرها على إمدادات النفط، فإن ذلك سيؤدي الى رفع الكلفة، وبالتالي رفع الأسعار، ما يعني زيادة التضخم.
وقال عجاقة في تصريح لـ«الأنباء» إن صادرات الدول الأوروبية سوف تتضرر، ولكن الضرر الأكبر يبقى على صعيد المنطقة. فبالنسبة للدول المحيطة بمنطقة الصراع سوف تتضرر على عدة أصعدة وهي تنقسم الى قسمين: الدول المجاورة لقطاع غزة، والدول الأبعد بقليل. بالنسبة لدول الجوار فقد أصيب القطاع السياحي في لبنان الذي يعتمد عليه في فصل الشتاء وهو تأثر بشكل كبير وسجل انخفاضا بلغ 50% قياسا للعام الماضي.
ولفت عجاقة الى أن الحرب على غزة أدت الى تراجع حاد لتدفقات رؤوس الأموال من الخارج باتجاه الدول المجاورة لها والتي سوف تعاني من فقدان العملة الصعبة.
واعتبر عجاقة أن الموارد العالمية أصبحت مكلفة نظرا لأسعار الفائدة المرتفعة أولا، وثانيا أن المساعدات بدل أن تذهب لبعض الدول فإنها تذهب لتمويل الحروب سواء في أوكرانيا أو غزة، وبالتالي فان هناك نقص في روؤس الأموال.
وأبدى عجاقة خشيته من استمرار الحرب على غزة لفترة طويلة والتي سوف تكون لها تداعياتها على الصادرات نظرا لارتباط الاقتصادات العربية بالاقتصادات الأوروبية بشكل كبير، لاسيما صادرات النفط من دول الخليج والصادرات المغربية الى أوروبا. وفي حال تفاقم الوضع في مضيق هرمز سينعكس ذلك على اضطرابات النقل، وستتأثر أسعار النفط بسبب المخاطر اللوجستية، من هنا تبرز أهمية قناة السويس وباب المندب حيث إن 12% من التجارة العالمية تمر عبر الممرات البحرية هذه.
وأشار عجاقة الى أن تراجع التجارة العالمية سوف يسبب نوعا من الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فالصراع في المنطقة يضاف اليه الصراع الصيني التايواني والروسي الأوكراني، نجد أن الوضع صعب جدا، في حال بقيت التوترات الأمنية في المنطقة، فالعالم يمر بمرحلة صعبة وهناك مخاطر عالية على الاقتصادات العربية والاقتصاد العالمي عموما، بسبب التوترات الأمنية في البحر الأحمر وتهديدات الحوثيين واستهدافهم للسفن الأميركية والبريطانية والذين يتلقون بدورهم الضربات الأميركية والبريطانية، وهذا مؤشر الى أننا ذاهبون الى وضع أصعب بكثير في حال استمرت الحرب على غزة، وهذا الأمر بدأ يعكس نفسه على أسعار التأمين على البواخر، فعلى سبيل المثال كانت تكلفة المستوعب أو الكونتينر الذي يصل الى لبنان 2500 دولار اليوم وصل الى 8000 دولار والسبب ان شركات التأمين تتذرع بالمسافة الطويلة التي تقطعها السفن وهي الالتفاف من رأس الرجاء الصالح من حول القرن الأفريقي للوصول الى لبنان.