كل من يريد أن يشاهد دروسا حية لممارسة الصبر في أقصى الظروف ما عليه إلا أن يتابع الدروس التي يقدمها الشعب الفلسطيني في غزة، هذا الشعب الصامد الذي يرفض سياسة التهجير القسري المتوحشة التي تتضمن حرمانه في أرض الرباط والصمود من كل وسائل الحياة، واستمرار القصف الإجرامي بالقنابل الفتاكة، والهجوم البري، ورغم كل ذلك نجد أن واقع غزة اليوم يجسد قوله تعالى «واستعينوا بالصبر».
وصبر أهل غزة ليس مجرد صبر مستحب، بل هو الصبر الواجب المذكور في قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون» وهو صبر على طاعة الثبات في أرض الرباط، وصبر على اغراءات الاستسلام للتهجير والبحث عن السلامة وصبر على المحن والمصائب التي جلبها العدوان الصهيوني على غزة والابتلاءات التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى «ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين».
وعاقبة هذا الصبر بإذن الله عظيمة يقول الله تعالى (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون). ولا يقدر أجر الصبر حق قدره إلا مؤمن يعرف أن الحياة الدنيا لا تساوي عند الله جناح ذبابة وأن الله يبتلي أحبابه في هذه الدنيا ليعظم لهم الأجر في الآخرة، كما جاء في الحديث النبوي الذي رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بلاء؟! قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة هون عليه، فما يزال كذلك، حتى يمشي على الأرض ما له من ذنب، نسأل الله أن يتقبل أجر الصابرين في غزة وأن ينصرهم على أعدائهم ويثبت أقدامهم ويجعل الدائرة على من ظلمهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
[email protected]