نحو أكثر من 120 يوما عاشها قطاع غزة في مأساة إنسانية سيذكرها التاريخ، وسيتوقف عندها طويلا ليرثيها ويبكيها، فحتى كتابة هذه السطور وقع أكثر من 27 ألف شهيد، مع تدمير شامل لكل البنى التحتية، والمقومات الأساسية للحياة.
غزة ذلك القطاع صغير المساحة الذي لا يتجاوز 365 كلم2، تعرض لكل أنواع التدمير بكل الأسلحة المحرمة والمجرمة، إلا أنه ظل صامدا، فأبطاله ضربوا أروع الأمثلة في البسالة والبطولة، ولا يزال أبطاله حتى الآن صامدين، في مثال يضرب، ويسجل في تاريخ البطولات في أنصع الصفحات بطولة واستبسالا.
أما الكيان المحتل الغاصب والمجرم فقد ارتكب خلال الشهور الأربعة مجازر على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي والعالم كله، في واحدة من أبشع الحروب في تاريخ البشرية.
هذا الإجرام الصهيوني وصفته عدة منظمات دولية بأنه لم تر مثله من قبل، فها هو رئيس بعثة «أطباء بلا حدود» ليو كان يصف ما يحدث في قطاع غزة بـ «المجزرة»، بل ويقول ليو كان «شاهدت غالبية من النساء والأطفال بين المرضى في المستشفيات، وإنها أول مرة يرى ذلك، فقد عملنا مع زملائي في أوضاع حروب أخرى في أفغانستان وسورية وجنوب السودان.. إنه بنظرنا دليل واضح على القصف العشوائي».
كل الأدلة والبراهين، وجميع العاملين بالمنظمات الإنسانية الدولية يؤكدون أن ما يجري في قطاع غزة مجزرة ليس لها مثيل في العصر الحديث.
كل هذا يجري بينما المجتمع الدولي يغط في نوم عميق، أو ربما يضع أذنا من طين والأخرى من عجين مكتفيا بالمشاهدة فقط، بينما يباد أهل قطاع غزة في صمت عجيب ومريب، فمتى تتوقف هذه الآلة الصهيونية عن حصد الأرواح في القطاع؟ ومتى يفيق المجتمع الدولي ليتخذ قرارا عاجلا بوقف المجازر؟ ومتى ندرك أيضا نحن العرب أن الدفاع عن أهلنا في قطاع غزة من الواجبات؟ أسئلة تنتظر الإجابة، بل تنتظر صحوة الضمائر.