بيروت - منصور شعبان - خلدون قواص
حطت طائرة وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه والوفد المرافق، في مطار رفيق الحريري الدولي، وتوجه مباشرة إلى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث كان رئيس مجلس النواب نبيه بري باستقبالهم، وذلك بعد مغادرة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عين التينة مكتفيا بتصريح مقتضب قال فيه إن «التشاور في هذه المرحلة ضروري لا بل اكثر من ضروري».
وينتظر المسؤولون اللبنانيون اجتماع «المجموعة الخماسية وقوامها أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر» قريبا، ومن المحتمل، بحسب المتداول في الأروقة السياسية والحزبية أن تجتمع بعيدا من الإعلام لتقييم ما توصلت اليه حتى الآن، ومن الممكن ان يتولى موفد الفرنسي جان إيف لودريان حراكا جديدا منسجما مع نتائج زيارة وزير خارجية بلاده.
وفي إطار اجتماعاته، التقى سيجورنيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ونظيره اللبناني عبدالله بوحبيب، حيث أضفى طابع الصمت عليها دون ان يدلي بأي تصريحات، فيما قال بوحبيب عقب اللقاء: «الفرنسيون تهمهم سلامة لبنان وسيجورنيه نقل الجو الإسرائيلي بإعادة المستوطنين إلى قراهم بينما نريد سلاما كاملا وانسحابا كاملا».
وأضاف بوحبيب: «الحوار دائم مع حزب الله على مستوى الخارجية ورئاسة الحكومة ولا خلاف معه إطلاقا ونحن نريد تطبيق القرار 1701 بحذافيره».
واقترح بوحبيب المساعدة من قبل المجتمع الدولي لتأمين تواجد اكبر للجيش لتجنيد 7 آلاف عنصر والفرنسيون مهتمون بهذا الأمر، مشيرا إلى أن إسرائيل لن تربح الحرب لو وقعت مع الاعتراف بقدرتها الهائلة على التدمير.
زيارة سيجورنيه جاءت في ظروف حرجة للغاية يمر فيها لبنان الذي تعصف به الطبيعة والأعمال الحربية وأزمة الرئاسة، ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية المريرة، والاتصالات الملحة لعقد لقاءات يبحث فيها أولو الشأن مستقبل هذا البلد الذي يستعد لإحياء الذكرى التاسعة عشرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 فبراير الجاري.
ولعل من أهم هذه اللقاءات، الاتصالات المحلية التي تسعى لعقد قمة روحية إسلامية - مسيحية جامعة، أكدت مصادر متابعة لـ «الأنباء» ان انعقادها مرتبط بموافقة جميع رؤساء الطوائف على جدول أعمالها ومكان انعقادها ومشروع البيان الذي سيصدر عنها.
وأفادت المعلومات بأن الاتصالات التي تتم بعيدا من الأضواء لم تتوصل، حتى الآن، إلى موعد لانعقاد القمة ومن سيشارك فيها على الرغم من مساعي وجهود أعضاء من اللجنة الوطنية للحوار الإسلامي -المسيحي، وتشير إلى أن الدعوة لانعقاد القمة التي أعلن عنها نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، من بكركي بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي، منذ شهرين ونيف، لم تلق التجاوب المطلوب لانعقادها لعدة اعتبارات تتعلق بالشأن اللبناني وما يحصل في غزة.
وتحدثت المصادر عن ان هناك تناقضا واضحا في المواقف بين بعض المرجعيات الدينية حول نظرتهم إلى مستقبل دور لبنان على الصعيد المحلي والعربي والإقليمي وكيفية التعاطي مع المسائل التي هي مكان تباين وخلاف حولها، وهذا يتطلب المزيد من التروي لنتائج الاتصالات.
وفي موازاة ما تقدم سجل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب خطوة إلى الأمام، في العرف الديبلوماسي، باستدعائه سفير بريطانيا هاميش كاول وتسليمه مذكرة احتجاج تتعلق بزيارة وزير الخارجية ديفيد كاميرون الأخيرة إلى بيروت، حيث إن كاميرون لم يزر نظيره اللبناني خلاله زيارته الأخيرة لبيروت.
وكان بو حبيب قال في حديث لمحطة «أم تي في» ان: عدم زيارة كاميرون الوزارة ولقائي سيغير العلاقة مع السفارة البريطانية في لبنان.
هذه التحركات واللقاءات تدور ضمن مساحة زمنية لا أحد يعرف منتهاها، وتأتي في شهر صعب حمل ذكرى الشهيد رفيق الحريري ومرور عامين على غياب نجله سعد، عامان شهدا عدم انتخاب رئيس للجمهورية ثم التهديد بتوسيع الحرب على غزة لتشمل لبنان، وتأتي الذكرى فرصة للمطالبين بعودته إلى لعب دوره الوطني، حيث تتم الاستعدادات، بالدعوات واللقاءات لتأمين أكبر حشد قرب ضريح رفيق الحريري في وسط بيروت، حيث رفعت الصور للرئيس سعد الحريري ووالده الشهيد.
في غصون، بحث رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وعقيلته، عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب ستريدا جعجع في معراب مع سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون التطورات اللبنانية والإقليمية وكان، بحسب بيان، الملف الرئاسي حاضرا في اللقاء، حيث أكد رئيس القوات أن «لدينا في لبنان دستورا قائما ومؤسسات حقيقية وجل ما علينا القيام به إعادة تفعيل هذه المؤسسات ورفع سطوة التعطيل عنها لكي تتمكن من إنتاج الحلول الناجعة للأزمة التي افتعلها المعطلون، وباتوا معروفين من قبل الجميع، وبالتالي فإن اللبنانيين لا يطلبون من المجتمع الدولي سوى مساعدتهم على وقف العرقلة لإعادة الحياة إلى المؤسسات وعلى رأسها المجلس النيابي، إذ إن المدخل الرئيسي للحل يكمن في إعادة فتح أبواب المجلس امام جلسات انتخاب رئاسية فعلية وحقيقية وليست صورية، كما حصل حتى الآن، ودعوة نواب الأمة إلى ممارسة واجبهم الدستوري في جلسات انتخاب بدورات متتالية».