العيون كلها تشخص إلى مخرجات جولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخامسة إلى المنطقة والتي قادته إلى إسرائيل أمس، قادما من مصر وقطر الدولتين الوسيطتين إلى جانب أميركا في مساعي التوصل إلى هدنة جديدة في قطاع غزة، بالتزامن مع بدء حكومة بنيامين نتنياهو درس رد حركة «حماس» على مقترح للتهدئة يشمل إفراج الحركة عن محتجزين في غزة مقابل وقف إطلاق النار، مع دخول الحرب في القطاع شهرها الخامس.
ومن تل أبيب دعا وزير الخارجية الأميركي إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب، حيث قال مكتب نتنياهو إن رئيس الوزراء عقد اجتماعا طويلا ومعمقا مع بلينكن.
وعقب اللقاء، قال بلينكن خلال اجتماعه مع مسؤولين إسرائيليين بارزين: «علينا جميعا الالتزام ببذل كل ما في وسعنا لإيصال المساعدات الضرورية إلى أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها، والخطوات التي يجري اتخاذها، والخطوات الإضافية التي يتعين اتخاذها، هي محور اجتماعاتي هنا».
وأعرب بلينكن، عن أمله في التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين. وقال: «هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، لكننا نركز بشدة على القيام بذلك ونأمل أن نتمكن من استئناف إطلاق سراح الرهائن الذي توقف». وبعد اجتماعه بالمسؤولين الإسرائيليين، التقى بلينكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وفي السياق، نشرت فضائية القاهرة الإخبارية خبرا مفاده أن مصر وقطر ترعيان جولة جديدة من المفاوضات اليوم في القاهرة، للتهدئة بقطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين.
بدورها، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن مسؤول مصري قوله إن القاهرة تستضيف اليوم جولة جديدة من المفاوضات برعاية مصرية-قطرية من أجل «تهدئة» الأوضاع في قطاع غزة.
وقال المسؤول إن «مصر وقطر ترعيان جولة جديدة من المفاوضات» بالقاهرة للتهدئة بقطاع غزة، «مشيرا إلى أن المفاوضات ستشمل الحديث عن «صفقة لتبادل» الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين.
وتزامن وصول بلينكن مع شروع إسرائيل في دراسة مقترح التهدئة الذي تم التوصل إليه في اجتماع بين مسؤولين عرب وغربيين في باريس الأسبوع الماضي.
وكان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أعلن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بلينكن في العاصمة الدوحة «تلقي رد من حركة حماس بشأن اتفاق الإطار يتضمن ملاحظات، وهو في مجمله إيجابي».
ولاحقا، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن جهاز الاستخبارات «الموساد» يدرس رد حماس على مقترح التهدئة.
وذكر مكتب نتنياهو في بيان ان «الوسيط القطري أبلغ الموساد برد حماس. يجري المسؤولون المعنيون بالمفاوضات تقييما لتفاصيل هذا الرد بتمعن».
من جهتها، أعلنت حماس أنها سلمت ردها حول مقترح التهدئة إلى كل من مصر وقطر.
ولفتت الحركة إلى أنها تعاملت «مع المقترح بروح إيجابية بما يضمن وقف إطلاق النار الشامل والتام، وإنهاء العدوان على شعبنا، وبما يضمن الإغاثة والإيواء والإعمار ورفع الحصار عن قطاع غزة، وإنجاز عملية تبادل للأسرى».
وقال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي إن مقترح حماس، تم التوافق عليه بين فصائل المقاومة الفلسطينية بعد التشاور بينها، وهو يعبر عنها جميعا.
وذكر «أن العدو عودنا التهرب من أي التزام، فإن الضامن الأساس هو سلاح المقاومة، وإرادة المقاتلين».
ونقلت محطة «إن بي سي» الأميركية عن مسؤول كبير في إدارة الرئيس جو بايدن قوله: «يبدو أن رد حماس الذي نقله القطريون إلى بلينكن موحد وإيجابي بشكل عام».
ميدانيا، وفيما كانت طائرة بلينكن تهبط في تل أبيب، كان الجيش الإسرائيلي يواصل القصف والقتال على مسافة أقل من مئة كيلومتر إلى الجنوب، في مدينتي خان يونس ورفح في غزة.
وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن قصفا إسرائيليا استهدف مدينة خان يونس وحتى مدينة رفح المجاورة قرب الحدود المصرية، وهي آخر ملجأ فر إليه مئات الآلاف من النازحين الذين باتوا يخشون من تنفيذ هجوم بري في المنطقة.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي منذ الـ 7 من أكتوبر الماضي إلى 27 ألفا و708 شهداء، و67 ألفا و147 جريحا.
ويتكدس أكثر من 1.3 مليون نازح في رفح في أقصى جنوب القطاع، أي 5 أضعاف عدد سكانها الأصليين، وأكثر من نصف عدد سكان القطاع البالغ 2.4 مليون نسمة وسط ظروف إنسانية ومعيشية يائسة، بحسب الأمم المتحدة.
وكل ذلك، وسط مخاوف من ان تكون رفح الهدف التالي لإسرائيل بعد خان يونس، فقد حذر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من أن الجيش «سيصل إلى أماكن لم يقاتل فيها بعد (...) حتى آخر معقل لحماس، أي رفح».
كما أشار الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس لايركه إلى أن «تصعيدا للقتال في رفح قد يؤدي إلى خسائر كبيرة في أرواح المدنيين. علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لتجنب ذلك».
وفي هذا الإطار، نقل موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤول إسرائيلي بارز قوله إن وزير الخارجية الأميركي أبلغ نتنياهو وغالانت، قلق إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن البالغ بشأن توسيع العمليات في رفح.
وقالت دانة أحمد، وهي نازحة من مدينة غزة شمال القطاع، مع أطفالها الثلاثة وعدد آخر من أفراد عائلتها في خيمة غرب مدينة رفح، «لم ننم طيلة الليل. صوت الطائرات لم يتوقف، القصف أصبح قريبا وعنيفا في رفح، أشعر بالرعب من أن إسرائيل ستبدأ عملية برية في رفح». وأضافت إن الجيش الإسرائيلي هو من طلب «من الناس التوجه إلى رفح، أين سنذهب؟ الوضع كارثي. أشعر أني أعيش فيلم رعب لا ينتهي».
بدوره، قال رائد البرديني الذي نزح من حي الزيتون في جنوب شرق مدينة غزة إلى رفح إنه «كل يوم يهدد نتنياهو باجتياح رفح ويتذرع بوجود حماس. الهدف تدمير رفح لأنها المنطقة الوحيدة التي لم يدمرها الاحتلال حتى الآن». وأضاف: «الاحتلال يسعى لتهجيرنا إلى سيناء.. نحن نزحنا من غزة إلى النصيرات ثم إلى خان يونس والآن إلى رفح. معي زوجتي وعندي 4 أطفال، أين نذهب إذا اقتحموا رفح؟».