رغم تزايد التحذيرات العربية والدولية مــــن الاجتياح الإسرائيلي لمدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، والتي أصبحت الملاذ الأخير لأكثر من مليون نازح جراء الحرب، فإن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يبدو مصمما على هذه الخطوة لإطالة عمره السياسي الذي مني بانتكاسات كبيرة منذ السابع من اكتوبر.
وفي محاولة لتهدئة الرأي العام العالمي تعهد نتنياهو بتوفير «ممر آمن» للمدنيين قبل شن عملية عسكرية في رفح وقال في مقابلة عبر قناة «إيه بي سي نيوز» «النصر في متناول اليد. سنفعل ذلك. سنسيطر على آخر كتائب حماس، وعلى رفح، وهي المعقل الأخير» للحركة.
وتابع «سنفعل ذلك مع ضمان المرور الآمن للسكان المدنيين حتى يتمكنوا من المغادرة»، متحدثا عن وجود مناطق في شمال رفح «تم تطهيرها ويمكن استخدامها مناطق آمنة للمدنيين».
في المقابل، حذر مصدر قيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أمس إسرائيل من أن أي عملية عسكرية قد تشنها على مدينة رفح، ستؤدي إلى «نسف مفاوضات» التبادل بين المحتجزين الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين.
وقال المصدر الذي طلب عدم كشف هويته لتلفزيون الأقصى التابع لحماس إن «أي هجوم لجيش الاحتلال على مدينة رفح، يعني نسف مفاوضات التبادل» بشأن الرهائن الذين تم احتجازهم إبان هجوم السابع من أكتوبر.
ونقلت القناة عن القيادي بحماس قوله أيضا إن «نتنياهو يحاول التهرب من استحقاقات صفقة التبادل بارتكاب إبادة جماعية وكارثة إنسانية جديدة في رفح».
وحضت فرنسا أمس إسرائيل على وقف المعارك في قطاع غزة تجنبا لـ«كارثة»، مبدية قلقها الشديد بعد الضربات الإسرائيلية التي طاولت مدينة رفح.
وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان في بيان مكتوب إن «هجوما إسرائيليا واسع النطاق على رفح سيؤدي إلى وضع إنساني كارثي ذي أبعاد جديدة وغير مبرر»، مضيفا «بهدف تجنب كارثة، نكرر دعوتنا إلى وقف المعارك»
وفي السياق ذاته، نقلت شبكة «إن بي سي» عن مسؤول أميركي قوله إن الانقسامات تتزايد بين إدارة الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع الخلاف الأكثر إلحاحا بشأن خطط اجتياح رفح.
كما نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مصادر قولها ان إدارة بايدن لم تعد تنظر إلى نتنياهو على أنه شريك يمكن التأثير عليه حتى في السر، مؤكدا ان الرئيس الاميركي وكبار مساعديه يقتربون من القطيعة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي أكثر من أي وقت مضى منذ بدء حرب غزة.
وأضافت الصحيفة نقلا عن المصادر ان بايدن يستجيب ببطء لمساعديه مع استمرار نتنياهو في إذلال واشنطن علنا ورفض مطالبها، وقالت، نعتقد بشكل متزايد أن نتنياهو يركز على نجاته سياسيا واستبعاد أي هدف آخر.
هذا، وصدرت مواقف عدة في السياق التحذيري من الاجتياح الاسرائيلي لرفح، كتب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عبر منصة إكس «أكرر تحذير العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من أن الهجوم الإسرائيلي على رفح سيؤدي إلى كارثة إنسانية تفوق الوصف وتوترات خطيرة مع مصر». وأضاف أن «استئناف المفاوضات للإفراج عن الرهائن ووقف الأعمال العدائية هو السبيل الوحيد لتجنب وقوع مذبحة».
على صعيد آخر، زعمت إسرائيل اكتشاف نفق في مدينة غزة، قالت إن حماس حفرته تحت مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وقال الجيش وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) إن العمليات في المدينة الشمالية أدت إلى اكتشاف «فتحة نفق» قرب مدرسة تديرها الوكالة التابعة للأمم المتحدة، وان مساره «يمر تحت المبنى المستخدم مقرا رئيسيا لوكالة أونروا في القطاع».
وأكد المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني أنه تم إخلاء المبنى في 12 أكتوبر، داعيا إلى إجراء تحقيق مستقل في الادعاء الإسرائيلي. وأضاف «لم نستخدم هذا المجمع منذ تركناه ولا علم لنا بأي نشاط قد يكون حدث هناك»، موضحا أن المرة الأخيرة التي فحصت فيها الوكالة المجمع كانت في سبتمبر 2023، مشددا على أن «السلطات الإسرائيلية لم تبلغ أونروا رسميا بشأن النفق المزعوم».
من جهته، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس لازاريني إلى «الاستقالة فورا»، معتبرا أن «استقالته الفورية أمر حتمي».
إلى ذلك، دعا الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس إلى «طرد» إسرائيل من الأمم المتحدة، وذلك مع إحياء البلاد الذكرى الخامسة والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية بمسيرات في طهران ومدن كبرى.
وقال رئيسي «نقترح طرد الكيان الصهيوني من الأمم المتحدة»، في إشارة إلى إسرائيل، العدو الإقليمي اللدود للجمهورية الإسلامية. وأضاف خلال كلمة ألقاها أمام آلاف الأشخاص الذين احتشدوا في ميدان آزادي (الحرية) في طهران، «ما يحدث في غزة اليوم جريمة ضد الإنسانية، والمدافع عن هؤلاء المجرمين هم النظام الأميركي وبعض الدول الغربية».
في الاثناء، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس أمس ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي والعمليات البرية في قطاع غزة إلى 28176 شهيدا غالبيتهم من النساء والأطفال، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر.
وقالت الوزارة إن 112 شخصا قتلوا في 24 ساعة، بينما بلغ عدد المصابين منذ بدء الحرب 67784 جريحا. من جهتها، أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس أمس، عن مقتل محتجزين إسرائيليين اثنين وإصابة 8 آخرين بجروح في قصف للجيش الإسرائيلي على قطاع غزة. وقالت الكتائب في بيان مقتضب إن «القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع أدى إلى مقتل 2 من الأسرى وإصابة 8 آخرين بإصابات خطيرة».
وأوضح البيان أن أوضاع المصابين «تزداد خطورة في ظل عدم التمكن من تقديم العلاج الملائم لهم ويتحمل العدو المسؤولية الكاملة عن حياة هؤلاء المصابين في ظل تواصل القصف والعدوان».