كل قرار أو قانون تتخذه الدولة أو أي وزارة من الطبيعي أن نجد له مُعارضا وآخر موافقا، وهذه من صفات الطبيعة البشرية. بالنسبة للمعلم في وزارة التربية لديه مميزات كثيرة أفضل من أي مكان آخر للعمل، ومنها الأعمال الممتازة، إجازة الربيع، إجازة الصيف، الاحتفالات والتكريم على مدار السنة الدراسية ومنها يوم المعلم، وان كانت الأرصاد الجوية تتطلب الحذر فيكون يوم إجازة، والترقيات التي تطول الجميع والرواتب الشهرية المجزية التي يتقاضاها المعلم ويحسده أقرانه في الدول الأخرى المجاورة، يبدأ دوامه الساعة 7.30 صباحا إلى الواحدة والنصف ظهرا، وغالبية المعلمين يعملون بمدارس قريبة من منازلهم...إلخ.
إذن فعلا المدرس يُحسد على كل تلك الميزات.
اليوم الغالبية العظمى من المعلمين يرفضون البصمة وبخاصة المعلمون الذكور، والسبب أن قرار البصمة كشف أن بعض المعلمين يأتي فقط وقت حصته لتدريس الطلبة ثم يخرج يمارس حياته الطبيعية بعيدا عن أسوار المدرسة وهناك ادارات مدارس متعاونة ومتساهلة مع معلميها، على الرغم أن الراتب المدفوع للمعلم هو التزامه بالحضور من بداية طابور الصباح الى نهاية الدوام المدرسي، وهذا ما أزعج الغالبية وخصوصا بمدارس البنين لأن المعلمات أكثر التزاما بمواقيت العمل من البداية الى النهاية. وتجد المعلم يستغيث من هذا القرار لأنه يتعارض مع احتياجات أسرته وأبنائه وتوصليهم مدارسهم وتجديد الأوراق الرسمية...إلخ وهناك الكثير من الأعذار التي يتحجج بها رافضا البصمة، على الرغم من أن المعلمات لديهن نفس المسؤوليات والالتزامات تجاه اسرهن لكنهن اكثر انضباطا من المعلمين الذكور. نعم سيتعثر يوم المعلم بقرار البصمة لأن الثقافة المتوارثة لديهم هي ان التدريس وظيفة مرنة وشاقة بنفس الوقت في الحضور وقت الحصص التي يدرس بها الطلبة، نجد بعد اصدار هذا القرار، ان هناك فريقا يوافق على وجود البصمة ويعتبرها ضرورة قصوى لأن المعلم قدوة في الالتزام واحترام مواقيت العمل من بداية اليوم إلى نهايته ومن باب العدالة مع الموظفين الإداريين بالوزارة، والموظف الناجح والمجتهد هو من يتخطى الصعاب الحياتية ويلتزم بالبصمة ولا للاعتذار ولا للاستثناء وإلا كيف سنفرق بين المعلم الملتزم والمعلم غير المُبالي، وفي حال حضوره دورات أو ورش عمل أو تدريب في مراكز خارج المدرسة، سيكون له توقيع وحضور في ذلك المكان البعيد عن مدرسته، وذلك حفاظا على حقوقه لضمان عدم وقوع ظلم على أحد ما أثناء عمله في جهة اخرى. أما الفريق الآخر فهم يرفضون البصمة رفضا قاطعا من باب ان المعلم مصدر ثقة وهو المسؤول عن نفسه امام حصصه الدراسية وإخلاصه بالعمل وفي الفصل ولا داعي للبصمة لأسمى وظيفة في الوجود وكي لا نقلل من شأن المعلم وقيمته في تربية الأجيال.
ولن تكون كما حذر البعض من أن البصمة ستهدد (كبيئة طاردة) للمعلم، فرضا لو ترك سلك التدريس وذهب للعمل بأي مكان آخر بالدولة سيجد البصمة بانتظاره ايضا، وهناك تكمن العدالة في الاعمال الممتازة والعدالة في تقييم الكفاءة نهاية العام الدراسي. والسؤال: ان لم يتعب الإنسان في بداية مشواره الوظيفي ويحضر الطابور مع طلبته ليكون قدوة لهم وليس مغيبا عن الظهور اليومي من بداية طابور الصباح الى نهاية اليوم الدراسي، إذن متى سيكون ذلك؟! يجب ان نورث طلابنا احترام مواقيت العمل والأجر الذي يتقاضاه المعلم عن كل يوم دراسي كاملا وليس بالساعة على عدد حصصه اليومية.
جميع البشر في معركة حياتية سواء كان المعلم او الموظف الاداري، فالكل يخرج صباحا ويعود ظهرا لأسرته وينطلق لطلباتهم مساء. إذن أرى أنه لا داعي للتأزيم والتوتر الذي أصاب عصب التربية (المعلم) بقرار البصمة وشأن التدريس شأن الوظائف الأخرى بالدولة، بل المعلم له مميزات كثيرة تفوق الوظائف الأخرى. فليكمل المعلم حسنات وظيفته المقدسة بالبصمة للحضور والانصراف.