بيروت ـ داود رمال
أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «أن الوضع في الجنوب لا يخلو من الحذر، ولكن الأمور بإذن الله تتجه إلى نوع من الاستقرار الطويل الأمد»، مشيرا إلى «أن الاتصالات مستمرة في هذا الصدد وسأعقد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع العديد من المسؤولين الدوليين خلال مشاركتي في مؤتمر ميونيخ يومي الخميس والجمعة المقبلين، من بينها مع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، لمعرفة أين أصبحنا في مسار التهدئة واعادة الاستقرار».
وكان رئيس الحكومة يتحدث خلال استقباله «جمعية الاعلاميين الاقتصاديين» أمس، حيث قال: التحدي الاكبر أمامنا يتمثل بوضع الجنوب، وكل الرسائل التي اتوجه بها إلى الموفدين الخارجيين وجميع المعنيين أننا طلاب أمن وسلام واستقرار دائم في الجنوب. نحن مع تطبيق القرار 1701 كاملا، ونريد خطة لدعم الجيش بكل المقومات. نحن اليوم امام خيارين، إما الاستقرار الدائم الذي يشكل افادة للجميع، واما الحرب التي ستشكل خسارة لكل الاطراف، اتمنى ان تنتهي هذه المرحلة الصعبة بالتوصل إلى الاستقرار الدائم، وان شاء الله ان الامور الميدانية لن تتطور.
وقال ردا على سؤال عن المبادرة الفرنسية: نحن نقدر المساعي الفرنسية لدعم لبنان، ولكننا لم نتبلغ من الجانب الفرنسي ورقة رسمية، بل ورقة افكار طلبوا الاجابة عليها.
وعن الحملات التي يتعرض لها، قال: أنا كرئيس حكومة لم أخض الانتخابات النيابية لئلا يقال انني اتصرف شعبويا، بل اعمل بما يرضي ضميري وقناعاتي واتخذ القرارات المناسبة لمصلحة الدولة اللبنانية. ومن يريد الانتقاد فليفعل ما يشاء. هل انا من يقرر في موضوع انتخاب رئيس الجمهورية؟ لينتخبوا رئيسا جديدا للجمهورية ويشكلوا الحكومة التي يرونها مناسبة.
وعما اذا كان راغبا في العودة إلى رئاسة الحكومة، قال: الامور مرهونة بأوقاتها.
وعن عودة الرئيس سعد الحريري، قال: أتمنى ان يعود الرئيس الحريري إلى ممارسة العمل السياسي.
وعن الملف الاقتصادي، قال: إن الخروج من الأزمة الراهنة ليس صعبا، علما أن ثلاث كوارث كبيرة حصلت في الوقت ذاته في لبنان في السنوات الأربع الأخيرة، وهي أزمة المصارف التي لم يحصل مثلها نسبة إلى حجم الاقتصاد اللبناني، وانفجار مرفأ بيروت وجائحة كورونا. يواجه لبنان تحديات كثيرة ونحن نبذل كل ما في وسعنا ليبقى صامدا ونضعه على سكة التعافي النهائي. عام 2022 اعددنا خطة للتعافي وارسلناها إلى مجلس النواب، لكن للاسف لم يقرأها الا قلة من النواب. كما ارسلنا عدة اقتراحات قوانين عبر عدة نواب، لكن المجلس طلب ارسالها بصيغة مشاريع قوانين.
وعن ملاحظات صندوق النقد الدولي على المشروع، قال: صندوق النقد الدولي لا يقبل بإدارة اصول الدولة المنتجة، بل يؤيد إدارة أصول الدولة غير المنتجة لتصبح منتجة مما يغذي صندوق استرداد الودائع، واعتقد ان صندوق النقد ينظر إلى الافكار المطروحة بعين ايجابية.
وأضاف: التحدي الثاني الماثل امامنا يتمثل بمعالجة ملف الرواتب والاجور وزياد الانتاجية للعاملين والمتقاعدين في القطاع العام. عام 2019 كانت الموازنة العامة تبلغ 17 مليار دولار ثلثها رواتب واجور للقطاع العام، اما هذا العام فتبلغ الموازنة 3 مليارات و200 مليون دولار ثلثها رواتب وأجور. الموظفون والمتقاعدون حتما مطالبهم محقة، ولكن الواقع أمامنا يقتضي البحث الدقيق. خمسون في المائة من المتقاعدين تبلغ اعمارهم أقل من ستين عاما، وهذه قنبلة موقوتة للمستقبل.
وعن اعادة هيكلة القطاع العام، قال: من اصل 28 الف وظيفة عامة تنص عليها هيكلية الدولة هناك 7400 فقط حاليا، وكل شهر يغادر منهم ألف شخص من المدنيين والعسكريين. القطاع العام هو الاقل عددا، والحوار المطلوب يتعلق بالاعداد الكبيرة للعسكريين والأمنيين.
وسئل عن قوله ان البلد بدأ يتعافى، فأجاب: هذا الكلام منطلقه ان حساب الخزينة رقم 36 في مصرف لبنان يتضمن ما يفوق الـ 130 ألف مليار ليرة لبنانية، وما يوازي مليار دولار أميركي بين «فريش دولار».
وردا على سؤال عن التأخر في اقرار قانون هيكلة المصارف، قال: عام 2022 اعددنا خطة للتعافي الاقتصادي ارسلناها بصيغة اقتراح قانون تقدم به الوزير والنائب جورج بوشوكيان، لكن مجلس النواب رفض الاطلاع عليه وطلب ارسال الخطة بصيغة مشروع قانون، اما القرار النهائي في هذا الملف رهن ما سيتم البت به في مجلس النواب.
وكان رئيس الحكومة استقبل وفدا من «جمعية الإعلاميين الاقتصاديين» برئاسة الزميلة سابين عويس، وضم نائبي الرئيس بهيج ابوغانم وباسل الخطيب، والاعضاء: عمر الراسي، باتريسيا جلاد، فيليب حاجي بطرس، رمزي منصور، بيار سعد، نادين صموئيل، ونخلة عضيمي.
وتحدثت عويس فشكرت رئيس الحكومة على انفتاحه على الاعلام الاقتصادي في اطار الجهود التي يبذلها من اجل اشراك كل القطاعات في ورشة الانقاذ واستعادة التعافي، آملة ان يولي الاقتصاد الاولوية بالتوازي مع الاولويتين السياسية والامنية.
وجاء في مذكرة سلمتها الجمعية إلى رئيس الحكومة: إن الاولوية السياسية الكامنة في ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية تمهيدا لاعادة تكوين سلطة تنفيذية كاملة الصلاحيات، او الأولوية الأمنية الرامية إلى تحصين الاستقرار الداخلي ومنع انزلاق لبنان إلى حرب موسعة من بوابته الجنوبية، يجب الا تكونا على حساب اولوية وقف الانهيار الاقتصادي والاستنزاف المالي، الأمر الحاصل من خلال حال الإنكار لحجم وفداحة الازمة على مستوى معيشة اللبنانيين ومستقبلهم، كما على مستوى عمل مؤسسات الدولة، الشريك الأساسي في قوى الانتاج.