ترسم التقارير المتوالية التي ترصد الواقع الصحي في سورية، صورة قاتمة بعد سنوات من الحرب والدمار الذي طال حتى المنشآت الصحية، والآن بات يستنزف الكوادر البشرية. وبعد الصرخات الكثيرة التي أطلقتها طواقم التمريض لزيادة رواتبهم وتعويضاتهم، أثار القرار الأخير الذي يمنع الأطباء المقيمين في الصحة والدراسات من العمل في المشافي الخاصة أثناء فترة اختصاصهم، وقرار إضافة سنة كاملة إلى السنوات الدراسية على جميع الاختصاصات الطبية تحت مسمى سنة «الامتياز»، استياء واسعا لدى الأطباء وخصوصا حديثي التخرج أو من طلاب الدراسات العليا، حيث يقول أحدهم لموقع جريدة «الوطن» إن الراتب الذي يتقاضاه الطبيب المقيم لا يلبي تكاليف مواصلاته وسندويش فلافل أثناء المناوبات فكيف سيعيش الطبيب؟ مؤكدا أن قرار إضافة سنة الامتياز مضيعة وهدر من عمر الطبيب وخسارة للدولة رواتب عام كامل لكل طبيب من دون أي فائدة سوى العرقلة والزيادة في تأزم الوضع وإيصال الخريجين لمرحلة الحقد والهجرة.
وأكد أحد الأطباء في مستشفى التوليد الوطني بدمشق، بحسب التقرير نفسه، أن أغلب الأطباء الخريجين مستعدون لبيع ممتلكاتهم العقارية من أجل السفر، محذرا من أن هجرة العقول من أطباء ومهندسين ستكلف البلد الكثير.
وقال إن المشافي السورية قائمة بجميع فروعها العامة والخاصة والتعليمية التابعة لوزارة الصحة والتعليم على الأطباء المقيمين، وقرار منع الأطباء المقيمين من العمل في المشافي الخاصة كان بحجة أن يتفرغ الطبيب المقيم لاختصاصه، ولكن كيف يتفرغ المقيم وراتبه لا يتجاوز 200 ألف وهو أساسا لا يكفيه أجور مواصلات من وإلى المشفى.
وفيما يتعلق بإضافة سنة كاملة بعد الاختصاص تحت مسمى سنة «الامتياز»، أشار إلى أن وزارة الصحة وجدت أن الأطباء يسافرون للخارج بشكل فوري بعد التخصص ولا يخدمون الدولة، لذا قررت إضافة سنة امتياز للاستفادة منهم، ولكن هل هذا هو الحل بحجز الطبيب سنة كاملة؟ ورأى أنه للحد من هجرة الأطباء هناك الكثير من القرارات البديلة والمغريات التي إذا تم العمل عليها من الوزارة ستخفف من ظاهرة الهجرة بدلا من سياسة الإجبار والإلزام.
ويشتكي طبيب مقيم في مشفى المواساة من الراتب الذي وصل الى 300 ألف حتى بعد الزيادة الأخيرة في الرواتب، مضيفا: هل من المعقول بعد الدراسة والجهد أن يحصل الطبيب على هذا الراتب؟ كل القرارات التي تصدر تدفعنا نحو التفكير في الهجرة أكثر فسياسة الحجز والإلزام لا تنفع، مؤكدا أن العمل في المشافي الخاصة بالنسبة للطبيب المقيم هو الملجأ الوحيد، وسنة الامتياز ليس منها أي فائدة، مضيفا: «نحن نضيع وقتا لا أكثر».