دأب الكيان الصهيوني، ومنذ تأسيسه المسخ، على تلفيق الأكاذيب والافتراءات، ونشرها بشكل واسع وبنمط شامل كأدوات في ترسانته الديبلوماسية على الساحة العالمية لتبرير سياساته العدوانية «والقبول بحقيقة وجوده كدولة».
وفي تواز صارخ، فإن مزاعم الكيان الصهيوني بشأن ضلوع بعض موظفي «الأونروا» في معركة «طوفان الأقصى»، تشبه الادعاءات الكاذبة باستخدام مستشفى الشفاء في غزة كمركز قيادة من قبل حركة المقاومة الإسلامية.
وتنطوي كلتا الحالتين على ادعاءات باطلة لا أساس لها من الصحة، وفي قلب هذه الافتراءات تكمن نيات خبيثة تهدف إلى تجريد الفلسطينيين بشكل منهجي من حقوقهم الأساسية في الحماية والضروريات الأساسية للحياة، لاسيما أن الأونروا «يعتمد عليها أكثر من مليوني شخص من أجل البقاء على قيد الحياة».
ولسنوات عديدة، كان لدى الكيان وعبر مختلف حكوماته سعي أفاك ومتواصـــل إلى تفكيك عمليات واحدة من الـــوكالات الإنسانية الأكثر أهمية في سياق الاحتلال الإسرائيلي الغاشم. لكن وفي أعقاب العدوان الإسرائيـــلي على غــزة وصلت حدة الافتراءات إلى نقطة حرجة حين زعمت إسرائيل أن «الأونروا» توفر الغطاء لـ«حماس».
الافتراءات الإسرائيلية ضد «الأونروا» جزء لا يتجزأ من حملة التضليل ضد منظمات الأمم المتحدة لتشكيل نظام دولي للإبادة الجماعية بهدف واضح هو حرمان الفلسطينيين من الحماية الأساسية وضرورات البقاء والحياة، وأيضا هي محاولة للرد على اتهام «الأونروا» للكيان باستهداف البنية التحتية المدنية عمدا، بما في ذلك المدارس ومراكز الإسعاف، خلال عدوانها المتواصل على القطاع وهو التقرير الذي استندت إليه محكمة العدل الدولية على وجه التحديد.
لكن اللافت في هذا السيناريو هو الاستجابة الفورية من الدول الكبرى، لاسيما في الغرب، التي استجابت دون فحص دقيق للأبعاد الأخلاقية والقانونية للافتراءات الإسرائيلية وعلقت تمويلها للأونروا، وهو ما أرى فيه تواطؤا يثير تساؤلات حرجة حول العقاب الجماعي لأهالي القطاع بذريعة أخطاء مزعومة أو مخالفات منسوبة إلى موظفين في وكالة إنسانية.
وفي الحقيقة، فإن هذه الدول تتنكر للمبادئ الأساسية للعدالة والمساعدة الإنسانية، فيما يؤشر إلى إمكانية معاقبة شعب ما بشكل جماعي بسبب أفعال يزعم أنها، في أفضل الأحوال، فردية وتظل خاضعة لتحقيق شامل.
وفي الختام أقول: إن العداء الملموس يكشف عن مدى تأثير الإجراءات القانونية في محكمة العدل الدولية وأهميتها على الكيان، إذ أصبحت ردود أفعاله مقياسا لصدى وفعالية الجهود الرامية إلى محاسبته على جرائمه ضد الإنسانية، كما يشير بوضوح إلى مساعي الكيان البائسة برفضه المساءلة والالتزام باحترام القانون الدولي.
[email protected]