إنها الأمانة، وما أدراك ما الأمانة، فالروح بأجسادنا أمانة، والدين بذمتنا أمانة، والوطن بأعناقنا أمانة، والعهود والبيعة أمانة، والسمع والطاعة لولي الأمر أمانة، والأمانة لا تتجزأ، ولا تتبدل.
قال تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) [الأحزاب:72] فكل مواطن محمل بعدة أمانات عن نفسه وأهله ووطنه وعمله..الخ وأما أمانة ولي الأمر فهي عظيمة جدا ومسؤولية وحمل ثقيل، فهو مؤتمن على كل الوطن بكل ما فيه، والشعب بأكمله أمانة، والدستور والقوانين والأعراف والأخلاق وتطبيقها أمانة، إن عظم وهول هذه الامانة يحتم على من حمل هذه الامانة أن يكون حازما لا يتساهل، فالنفوس البشرية أمارة بالسوء، وضعاف النفوس يغريهم الشيطان ويوسوس بعقولهم، ويزين لهم الشر والفتنة، فلابد من العزم والحزم والحسم، وكما يقال «إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن».
فمن أول خطاب لصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، وحتى عندما كان وليا للعهد كانت نصوص خطاباته مختلفة، كانت واضحة وصريحة وحازمة، وقد شبهت خطابات سموه بخطابات الستينيات عندما ألقى أبو الديموقراطية سمو الأمير الاسبق الشيخ عبدالله السالم خطابه وختمه بهذين البيتين من الشعر:
تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت
وإن تولت فبالأشرار تنقاد
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
وقد كرر سموه، رحمه الله، هذين البيتين ثلاث مرات للتأكيد.
لقد كتبت مقالا بتاريخ 24/ 6/ 2022 بعنوان «كلمة سمو الأمير.. منهج لنظام حكم فريد) نبهت به بأن خطاب صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد به روح مختلفة عن كل الخطابات منذ نصف قرن، إن نص الخطاب ومفرداته جديدة على أسماعنا، وأن العهد الجديد أيضا مختلف..عهدا بطعم الحزم والحسم، وعدم التساهل، فأستغرب كيف لم يفهم البعض ذلك؟ ربما لأني بلغت من العمر عتيا، وعاصرت كل مجالس الامة، فكان المجلس الأول خير مجلس ثم الذي يليه ثم الذي يليه، وللاسف الآن فقد الشعب ثقته وحماسه البرلماني، وانقلب الانتخاب من واجب وطني إلى واجب اجتماعي، ولولا العلاقات الطيبة والروابط الاسرية وغيرها والاحترام المتبادل بين افراد الشعب لعزف الناخبون عن الانتخاب وتركوها، ولكن هي العواطف الاجتماعية، وحتى لا يزعل فلان وعلان.
يقول البعــض ان وجود وسائل التواصــل الاجتماعي والصحافة الالكتـــرونية الحرة يستطيع المواطن ايصال صوته للمـــسؤولين (صوتا وصورة) ولا حاجة لنائب ينوب عنه، شريطة أن تفـــتح الحكومة قلبها وعقلها لرسائل المواطـــنين سواء ما يريدونه او يعترضون عليه او يقترحونه، وبذلك يشارك كل الشعب برأيه وليس برأي خمسين شخصا فقط، وتصبح «الديموقراطية عن بعد» مثل الدراسة عن بعد أيام «كورونا»، وقيادتنا تسمع وترى، والشعب يراقب ويشرع مباشرة، فعددنا قليل، وروابطنا كثيرة، وبلدنا صغير، والاحداث يتردد صدها بسرعة كبيرة، مما يجعل علاجها سريعا وناجعا، فلا يتكسب أحد من عمل غيره.
أعود وأكرر إن الكويت تتجدد، وهذا العهد له منهج جديد، ورؤية مختلفة، فالزمن اختلف، والتركيبة السكانية اختلفت، والسياسة وأحوال العالم ومحيطنا الاقليمي ملتهبة، فواجبنا أن نكون عونا وسندا لقيادتنا، مخلصين للوطن وللأمير، سائلين الله العلي القدير أن يوفقهم ويسدد خطاهم ويحفظ الكويت وشعبها من كل مكروه.
[email protected]