كان لمديرية الأمن العام والشرطة عام 1959 مبنى باسم مركز الصبية، وكان به من رجالات الرعيل الأول الكويتيين الذين عملوا في هذا المركز من خلال السلك العسكري.
كان والدي عواد زويد في هذ الفترة مساعد آمر المركز، حيث كان يتقاضى شهريا 741 روبية راتبا أساسيا درجة سابعة - عريف و325 روبية عن بدل سكن، وأذكر تلك المعلومات هنا لأوضح للأجيال الحالية مدى تفاني الرعيل الأول وجميع الدفعات التأسيسية بالدولة، الذين كان عطاؤهم دون حدود لوطنهم، دون النظر لبعد المسافة عن السكن في ظل تلك الظروف آنذاك ولا النظر لكم الراتب الشهري، والجميع كانوا يريدون تحقيق الاستقرار لأسرهم وخدمة وطنهم على عكس ما نراه من بعض شباب اليوم، مع الفارق بين رفاهيته اليوم وشظف العيش بالسابق. وفي عام 1989 ذهبت مع والدي في رحلة إلى الصبية وزار مقر عمله السابق ولم يكن تبقى منه سوى آثار وبقايا بسيطة كالحلم ثم اختفى ذلك الأثر بعد التسعينيات.
اليوم يوجد مركز الصبية الساحلي التابع للإدارة العامة لخفر السواحل، واليوم أيضا تحول بر الصبية إلى مكشات لستة شهور من السنة منذ بداية الخريف إلى نهاية الربيع، حيث الناس تلجأ للتخييم في الهواء النقي في الصبية ومنهم من افتتح كافيهات واستراحات للعائلات ومخيمات للمناسبات والفرق الموسيقية والغنائية وتوفير كل ما يسعد الأطفال من ألعاب ترفيهية.. الخ وأصبحت مكتظة بالحركة ويتواجد الناس بها طوال فترة الشتاء.
وحقيقة الأمر أن لدي حلما يراودني منذ سنوات ووددت طرحه على الجهات المعنية. فما دام تم إحياء الصبية وشريطها الساحلي لم لا يكون هناك متحف مطابق لمركز الصبية في خمسينيات القرن الماضي، بإعادة المبنى بشكله الخارجي ومن الداخل بنفس الأثاث المكتبي والكراسي الخشبية، مع توفير عرض اللبس العسكري آنذاك وهو عبارة عن البدلة والشماغ على الرأس وتعليق الشعار على العقال، مع صور موظفي المركز بلباسهم الرسمي وذكر أسمائهم في لوحة في واجهة المتحف، مع تعليق بعض الأوراق الرسمية التي أصدرت من نفس المركز أو لمعاملات رسمية أو شهادات، بمعنى تعزيز المتحف بكل ما يلقي الضوء على تلك الحقبة الزمنية بوثائق ملموسة عن هذا المعلم التاريخي منذ بداية تأسيسه إلى أن تم الاستغناء عنه، تقديرا وعرفانا لهؤلاء الرجال.
أتمنى أن تلتفت الجهات المعنية إلى هذا المقترح، حتى يسلط هذا المتحف الضوء على جهود رجال عملوا بشرف وأمانة وإخلاص لوطنهم، رجال أكفاء عاشوا على عكس رفاهية اليوم سواء رفاهية السيارات أو رفاهية السكن البارد صيفا وقرب المسافة بين مناطق الكويت بسبب بناء الجسور وسهولة الطرق بالأسفلت الحديث.. إلخ. ليكن أيضا إحياء لذكرى هذا الصرح ويغطي تلك الحقبة من حياة الكويت، ولا مانع أن تفتح أبوابه خلال الشتاء لزيارته من العامة ولو بسعر تذكرة دخول رمزية لتكون حافزا لشباب اليوم وغرس الوطنية في أبنائنا، والحياة قائمة، على تسلّم ما توصلنا له في الماضي لنسلمه بدورنا للأجيال القادمة، فأرجو الالتفات لمثل هذا المقترح المتحفي والذي سيثري الداخلية ورجالها بلا شك.