خديجة حمودة ووكالات
باتت مباحثات الهدنة المحتملة في غزة على المحك، مع تلويح حركة المقاومة الفلسطينية «حماس» بوقفها ردا على ارتكاب اسرائيل مجزرة جديدة في القطاع بإطلاقها النار على عشرات المدنيين أثناء انتظارهم في طوابير للحصول على المساعدات الإنسانية الشحيحة وسط وضع مأساوي خطير ينذر بمجاعة وشيكة.
وقالت حركة «حماس» في بيان أمس إن المحادثات الجارية بشأن هدنة جديدة مرتقبة قبل شهر رمضان المبارك «ليست عملية مفتوحة على حساب دماء شعبنا»، محملة الاحتلال تبعات أي فشل يلحق بالمفاوضات الراهنة.
واضافت «حماس» أن ما قامت به قوات الاحتلال ضد المدنيين الذين كانوا ينتظرون وصول شاحنات المساعدات الإنسانية عند دوار النابلسي قرب شارع الرشيد بمدينة غزة، ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات، هو «مجزرة مروعة».
ودعت الحركة مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية إلى الانعقاد العاجل واتخاذ ما يلزم إسرائيل بوقف القتل الجماعي والتطهير العرقي في غزة.
وقال مكتب الإعلام الحكومي التابع للحركة في غزة إن الاحتلال ارتكب هذه المجزرة مع سبق إصرار في إطار الإبادة الجماعية لأهالي القطاع، حيث كان يعلم بوصول الضحايا إلى المنطقة للحصول على مساعدات، لكنه قتلهم بدم بارد. وأدانت الرئاسة الفلسطينية، المجزرة البشعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقالت «إن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين الأبرياء الذين يخاطرون من أجل لقمة العيش والحصول على الطحين، يعتبر جزءا لا يتجزأ من حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها حكومة الاحتلال ضد شعبنا، وتتحمل سلطات الاحتلال الإسرائيلية المسؤولية كاملة، والمحاسبة عليها أمام المحاكم الدولية».
وشددت على أن الصمت الدولي هو الذي شجع الاحتلال على التمادي في سفك الدم الفلسطيني والقيام بجرائم إبادة غير مسبوقة في التاريخ الحديث، داعية إلى التدخل الفوري من العالم أجمع لوقف هذا العدوان، مشيرة إلى أن مواصلة هذه المجازر تؤكد بكل وضوح أن الهدف الحقيقي لها هو ذبح الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه، وهو ما لن نسمح به إطلاقا.
روايات إسرائيلية متضاربة
في المقابل، نفت إسرائيل في البداية، علمها بحصول أي قصف في «دوار النابلسي»، وذلك قبل أن يزعم جيش الاحتلال أن القتل والاصابات في صفوف المدنيين في هذه المنطقة كان لـ«التزاحم والتدافع» لدى وصول شاحنات الإغاثة. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن «بعض الحشود اقتربت من الجنود الإسرائيليين بطريقة شكلت خطرا على القوات التي ردت بإطلاق نار».
لكن وكالة الانباء الفلسيطينية الرسمية «وفا» قالت إن مئات القتلى والمصابين سقطوا بنيران إسرائيلية أثناء تجمعهم للحصول على مساعدات إنسانية في شمال قطاع غزة المحاصر.
وقال مدير الطوارئ في مستشفى الشفاء أمجد عليوة في بيان عن سقوط «المئات بينهم نساء وأطفال جراء إطلاق القوات الإسرائيلية النار في اتجاه آلاف المواطنين الذين تجمعوا عند وصول شاحنات الإغاثة إلى دوار النابلسي»، وهو ما أكدته لاحقا مصادر اسرائيلية لوكالة فرانس برس.
وصرح المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» أشرف القدرة ان ضحايا المجزرة اكثر من 104 قتلى وما لا يقل عن 760 مصابا.
وأفادت مصادر طبية بأن القتلى والجرحى نقلوا إلى مستشفيات: مجمع الشفاء الطبي، وكمال عدوان، والعودة، شمال قطاع غزة، مشيرة إلى أن عدد القتلى مرشح للزيادة نظرا لوجود عدد من الحالات الحرجة، في ظل النقص الكبير في المستلزمات والأدوية، وقلة الكوادر الطبية.
وأوضحت الوزارة أن حصيلة الهجمات الإسرائيلية ارتفعت إلى أكثر من 30 ألف قتيل وأكثر من 70 ألف مصاب منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وتعليقا على ذلك، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس على منصة «إكس»:«يجب أن ينتهي هذا العنف والمعاناة. أوقفوا إطلاق النار».
هذا، وقام عدد من طائرات النقل العسكري المصرية والإماراتية بتنفيذ أعمال إسقاط جوي لعشرات الأطنان من المساعدات والمواد الإغاثية العاجلة للتخفيف من الأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها الفلسطينيون في غزة.
وتضمنت المساعدات كميات كبيرة من المواد الغذائية والأدوية والاحتياجات العاجلة التي تم إسقاطها جوا بمناطق متفرقة من شمال القطاع.
لقاء الفصائل في روسيا
في الأثناء، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال لقاء الفصائل الفلسطينية في موسكو ان الأولوية لوقف إراقة الدماء في قطاع غزة، مشددا على ضرورة الكف عن استخدام العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين ردا على هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي.
ولفت إلى ان ما تقوم به القوات الاسرائيلية في الضفة الغربية لا يقل وحشية وخطورة عما يحدث في قطاع غزة. واعتبر لافروف أن «إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على أساس القانون الدولي وحده، هو ما يكفل السلام الدائم في المنطقة».
إلى ذلك، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في منظمة التحرير الفلسطينية ونادي الأسير وفاة أسير داخل مستشفى إسرائيلي نتيجة «الإهمال الطبي».
وقال بيان مشترك صادر عن الهيئة والنادي أمس إن الأسير عاصف الرفاعي من مدينة رام الله في الضفة الغربية توفي في مستشفى «أساف هروفيه».
وأوضح البيان أن الرفاعي (22 عاما) المصاب بالسرطان اعتقل من منزله في سبتمبر 2022، وهو الاعتقال الرابع الذي تعرض له منذ أن كان طفلا.
وأشار إلى أن الرفاعي تعرض «لجريمة قبل اعتقاله، حيث حرم من الحصول على تصريح للعلاج في القدس ونفذت جريمة طبية بحقه بالمماطلة في نقله للمستشفى وإجراء الفحوص اللازمة له وتزويده بالعلاج».