قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن دراسة حديثة أجرتها مؤسسة كونفرنس بورد كشفت عن تحول في معنويات الأميركيين تجاه الاقتصاد، إذ تسود نظرة سلبية بعد فترة من التحسن، وينعكس هذا الانخفاض في قراءة المؤشر في فبراير مقارنة بشهر يناير، إذ وصلت إلى 106.7 مقابل 110.9 في السابق، وكانت دون التوقعات البالغة 114.8.
وأضاف التقرير أنه في الوقت الذي تراجعت فيه المخاوف إلى حد ما تجاه ارتفاع أسعار المواد الغذائية والغاز، زادت المخاوف المتعلقة بسوق العمل، وجاءت هذه النظرة السلبية على نطاق واسع، ما أثر على معظم فئات الدخل ومختلف الفئات العمرية، باستثناء أولئك الذين لديهم دخل شديد الانخفاض أو شديد الارتفاع والذين تتراوح أعمارهم بين 35 و54 عاما.
وبالإضافة إلى ذلك، يشير الاستطلاع إلى إمكانية حدوث انكماش اقتصادي في المستقبل القريب، مع انخفاض توقعات الدخل وظروف العمل إلى ما دون مستوى مثير للقلق، ومن المثير للاهتمام أن توقعات التضخم واصلت تراجعها، حيث انخفضت بشكل كبير مقارنة بمستويات الذروة التي وصلت إليها في منتصف العام 2022.
وذكر تقرير الوطني أن هذا الاتجاه يتناقض مع تزايد المخاوف المتعلقة بسوق العمل. وتجدر الإشارة إلى أن استطلاعا آخر أجرته جامعة ميشيغان رسم صورة مختلفة قليلا، حيث أظهر استقرار معنويات المستهلكين في فبراير، إلا أن المشاركين في استطلاع «كونفرنس بورد» أشاروا أيضا إلى المخاوف المتعلقة بالانتخابات المقبلة والمناخ السياسي، ما يشير إلى أن تلك العوامل قد تسهم في حالة عدم اليقين الاقتصادي بصفة عامة. وعلى الرغم من أن سوق العمل لا يزال قويا إلا أنه تباطأ مقارنة بالعام الماضي، وقد يؤثر اقتراب موسم الانتخابات بشكل أكبر على التصورات الاقتصادية.
وقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة بنسبة 3.2% على أساس سنوي في الربع الرابع من العام 2023، أي أقل من التوقعات السابقة البالغة 3.3% لهذا الربع، وأقل هامشيا من معدل النمو المسجل خلال الربع السابق بنسبة 4.9%.
ويعزى هذا التراجع الهامشي بصفة رئيسية إلى تراجع الاستثمار في المخزون الخاص، وتباطؤ الإنفاق الحكومي الفيدرالي، فضلا عن انخفاض الاستثمارات السكنية الثابتة والإنفاق الاستهلاكي. وعلى الرغم من خفض توقعات الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع من العام، إلا أنه يعتبر سادس نمو يسجله الاقتصاد الأميركي على أساس ربع سنوي على التوالي، متحديا مخاوف الركود الاقتصادي، في ظل استمرار تشديد السياسة النقدية.
ولفت التقرير إلى أن معدل التضخم الشهري ارتفع في يناير بما يتماشى مع توقعات المحللين وظل أعلى من المستوى المستهدف للاحتياطي الفيدرالي. إذ ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، باستثناء المواد الغذائية والطاقة (وهو المقياس الرئيسي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي)، بنسبة 0.4% على أساس شهري وبنسبة 2.8% على أساس سنوي.
وكانت تلك القراءة أعلى من المستوى المسجل في ديسمبر والبالغ 0.1%. كما ارتفع معدل نفقات الاستهلاك الشخصي الكلي بنسبة 0.3% على أساس شهري وبنسبة 2.4% على أساس سنوي، أي بمعدل أعلى من المكاسب الشهرية المسجلة في ديسمبر البالغة 0.1%.
وفي غضون ذلك، قفز الدخل الشخصي بنسبة 1%، متجاوزا التوقعات بارتفاعه بنسبة 0.3%، في حين تراجع الإنفاق إلى حد ما. من جهة أخرى، ارتفعت أسعار الخدمات بوتيرة أسرع مقارنة بأسعار السلع، على أساس شهري وسنوي. كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية هامشيا، إلا أن أسعار الطاقة واصلت انخفاضها.
وعلى الرغم من وصول قراءة مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية إلى أدنى مستوياتها المسجلة منذ فبراير 2021، إلا أنها لا تزال أعلى بكثير من المستوى المستهدف الذي حدده مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وتشير المكاسب الشهرية الأخيرة إلى أن التضخم لا يزال متقلبا ومترسخا، في الوقت الذي يتشاور فيه أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أفضل وقت لبدء خفض أسعار الفائدة.
وعلى صعيد اقتصادات منطقة اليورو، قال تقرير «الوطني» إن نشاط قطاع التصنيع في منطقة اليورو شهد المزيد من التراجع في فبراير، مع انخفاض مؤشر مديري المشتريات هامشيا إلى 46.5 مقابل 46.6 في يناير، في ظل استمرار اتجاهات التراجع لأكثر من عام.
وعلى الرغم من أن الصورة العامة ما تزال قاتمة، إلا ان هناك بعض النقاط المضيئة التي بدأت في الظهور. إذ شهدت كل من اليونان وأيرلندا وإسبانيا ارتفاعات كبيرة في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي، ووصلت اليونان إلى أعلى المستويات المسجلة في 24 شهرا، وأيرلندا إلى أعلى مستوياتها المسجلة في 20 شهرا، في حين دخلت إسبانيا منطقة التوسع للمرة الأولى منذ 20 شهرا.
وفي المقابل، استمر تعثر بعض الاقتصادات الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا. وسجل مؤشر مديري المشتريات التصنيعي في ألمانيا أدنى مستوياته المسجلة في 4 أشهر، في حين شهدت فرنسا تحسنا طفيفا، إلا إنها ظلت في منطقة الانكماش.