لا شك أن عقوق الوالدين من الكبائر في الدنيا والآخرة، وحثنا الشرع الحنيف على بر الوالدين وحرم عقوق الوالدين وعده من كبائر الذنوب، والنصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية أكدت على البر وحذرت من عقوق الوالدين.
وقد قال الله سبحانه وتعالى في هذا الصدد: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) (الإسراء: 23 و24).
كما قرن الله سبحانه وتعالى عبادته والإحسان إلى الوالدين حيث قال: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا) (النساء: 36).
ووصى الله تعالى بالوالدين، كما أقرنه سبحانه بالشكر لهما: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) (لقمان: 14).
ولرضا الوالدين أهمية بالغة تظهر في العديد من الأمور، وفيما يأتي بيان بعضها:
نيل البركة في العمر والسعة في الرزق، وذلك يتمثل في عدة صور، منها استغلال العمر بالطاعات والعبادات والتوفيق من الله سبحانه وتعالى.
وقد قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد ودعوة المسافر ودعوة المظلوم). رواه أبو داوود والترمذي.
وذلك إكراما للوالدين من الله سبحانه وتعالى، كما أن الوالدين هما بإذن الله تعالى طريق للجنة في الحياه الدنيا والآخرة.
كما يعد بر الوالدين من أسباب تفريج الهموم والكروب، وأن عقوقهما من أسباب حرمان العاق من دخول الجنة، قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة منان، ولا عاق، ولا مدمن خمر) أخرجه أحمد.
وهناك عقوبات أخرى بعقوق الوالدين لا يسلم عاق والديه منها، مثل انتزاع البركة من عمره وحياته، وقلة الرزق، كذلك أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى بر الوالدين، وفي حديث أبي عبدالرحمن عبدالله بن مسعود، قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قلت: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني». متفق عليه.
وأخيرا وليس آخرا، نختم موضوعنا بوقفة مع علماء الدين في هذا الصدد، حيث اتفق أهل العلم على أن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، وقد قال الإمام النووي قد أجمع علماء الدين على أن الأمر ببر الوالدين وان عقوقهما حرام ومن الكبائر وان العاق عقوبته تعجل بالدنيا قبل الآخرة، وإن البر بالوالدين فرض عين فهو عبادة لا تقبل النيابة.
اللهم اجعلنا من البارين بوالدينا أحياء وأمواتا، واجعل أبناءنا من البارين بنا وسخرهم لنا وابعد عنا وعنهم العقوق والجحود يا أرحم الراحمين.